السفر ما بعد كورونا
بقلم: حسام تاج الدين
عالم ما بعد الإغلاق التام وكورونا لن يكون مشابه لما قبله، فحوصات للدم، كاميرات حرارية، فواصل زجاجية، روبوتات للتعقيم، طائرات بثلث سعتها وغيرها كثير من الإجراءات التي ستصبح جزء من حياتنا على المدى القصير حتى إيجاد لقاح ناجع.
منتصف شهر مارس / آذار 2020 كان شهراً مفصلياً في صناعة الطيران والسياحة حيث شهد الحدث الأكبر منذ أن اخترع “الأخوين رايت” الطائرة، ألا وهو إلغاء معظم الرحلات الدولية والمحلية، حيث كان يتمّ يوميا ً أكثر من 200,000 رحلة طيران. والمفارقة أن هذه الرحلات هي التي قامت بنشر فيروس كورونا في العالم! قامت شركات الطيران بتخفيض رحلاتها بنسبة 90% وبلغت 100% في ذروة مراحل تفشي الفيروس.
هذا التأثير لم يمتد على شركات الطيران فقط حيث أن كافة القطاعات المرتبطة بشكل مباشر مثل المطارات والأسواق الحرة وموظفي قطاع الطيران قد تأثروا بشكل كبير وخسر عدد كبير منهم وظائفهم، أو تم اقتطاع جزء من مرتباتهم أو إجبارهم على إجازات بدون راتب لفترات مفتوحة، هذا بالإضافة للقطاعات الغير مباشرة التي تمتد لتشمل مدن ودول بأكملها كالمطاعم وشركات السياحة وقطاع النقل والترفيه وغيرها، أصابها ضرر اقتصادي كبير سيحتاج العالم سنوات للتعافي منه حيث يقدّر خبراء أن هذه الأزمة هي الأكبر في العالم الحديث منذ الثورة الصناعية في القرن التاسع عشر.
شركات الطيران تلقت صفعة قوية خلال أزمة كورونا، حيث هناك أكثر من 24,000 طائرة في العالم ثم إيقاف أكثر من 16,000 منها عن العمل وهي تقبع في المطارات بلا حياة، وطبعاً تكلفة صيانة هذه الطائرات في وضع الوقوف مكلف أيضاً مما يحمّل الشركات خسائر إضافية بالملايين يومياً بدون عوائد من عمل هذه الطائرات. رئيس شركة بوينغ صرّح: “قطاع الطيران سيحتاج لسنوات للتعافي والعودة لسابق عهده”
اعتمدت مطارات عدة، من بينها مطاري دبي ولندن، إجراءات لتلبية حاجات المسافرين الضروريين بالاستناد إلى إرشادات الحكومة، الاتحاد النقل الجوي قام بالعديد من التوصيات أهمها
تشير الأدلة إلى أن خطر انتقال العدوى على متن الطائرة منخفض، ارتداء الكمامات من قبل الركاب والطاقم طوال فترة الطيران سيقلل من هذه المخاطر المنخفضة، وسيجنب الزيادات الكبيرة في تكلفة السفر الجوي التي ستجلبها إجراءات التباعد الاجتماعي على متن الطائرة”.
* سيؤدي حظر مقاعد محدّدة إلى الحد من عدد التذاكر التي يمكن لشركة طيران بيعها، مما يقلل من ربحها الضئيل بالفعل. وفي الوقت ذاته، فإن ارتداء الكمامات على نطاق واسع يعني أنه يمكن ملء جميع المقاعد.
صرّح المدير العام لاتحاد النقل الجوي الدولي، “ألكسندر دي جونياك” إنه في ظل هذه الظروف، لا توجد شركة طيران قادرة على النقل الجوي وربح المال على متن هذه الرحلات، ومن المرجح تمرير هذه التكاليف للعملاء على شكل تذاكر طيران أكثر كلفة. وأشار البيان إلى أنه مقارنةً بعام 2019، ستحتاج أسعار تذاكر الطيران إلى الارتفاع بشكل كبير، بنسب تتراوح بين 43% إلى 54% بحسب المنطقة، لمجرد تحقيق نقطة التعادل، أي تساوي النفقات مع الإيرادات.
قدم الاتحاد الدولي للنقل الجوي اقتراحات أخرى حول الكيفية التي يمكن من خلالها لكل شخص الحفاظ على سلامته على متن الطائرة بمجرد استئناف السفر الجوي التجاري، مطالبة جميع أفراد طاقم الطائرة والركاب:
تشجع المطارات التي تتوفر لديها خدمة إلكترونية لتسجيل الوصول ذاتيا، الركاب على استخدام هذه الخدمة لتجنب التواصل غير الضروري. وسيعرض معظمها ملصقات تشرح الإجراءات التوجيهية والتعليمات في أنحاء مبانيها.
في مطار هونغ كونغ الدولي، يجري حالياً اختبار جهاز مطهر لكامل الجسم. ويقول مسؤولو المطار إنه بهذه الطريقة يمكن تعقيم المستخدمين خلال 40 ثانية عبر استخدام الرذاذ الذي يقتل البكتيريا والفيروسات على الجلد والملابس.
وتجرب بعض المطارات أيضاً روبوتات تنظيف مستقلة تتحرك وتقتل الميكروبات عبر إطلاق الأشعة فوق البنفسجية عليها.
من الممكن اعتماد جوازات سفر المناعة، ففي وقت مبكر من هذا العام، أعلنت العديد من المطارات اعتماد “فحص الكشف الحراري” في جهود لمنع انتشار إضافي للفيروس في الخارج، لكن مع ذلك، انقسم الخبراء حول فعالية هذا الإجراء، إذ يقال إن بعض الأشخاص لا يعانون من الأعراض، ومطارات عدة لن تعتمدها. وقد ذهب البعض إلى أبعد من ذلك، مع تقديم الإمارات للركاب فحوصات دم سريعة لفيروس كورونا قبل ركوب الطائرة في محطات مطار دبي. حيث أن نتيجة الفحوصات تظهر خلال عشر دقائق.
إذا حجزت رحلتك مع الطيران الكوري، لا تقلق إذا ظهر الناس في الممر يرتدون معدات شخصية وقائية، إذ يخطط الطيران الكوري لجعل طاقم الطيران يرتدي أثوابا وقفازات وأقنعة للعيون.
الوجهات الأوروبية تبحث عن طرق لإدارة النزلاء في الفنادق، من بينها السماح لبضعة فنادق بفتح أبوابها، أو بضعة غرف داخل مبنى. ولن يكون هناك مسابح في المنتجعات والفنادق المتوسطية.
ستقوم المطاعم بتوزيع الطاولات بشكل أكثر تباعدا وستحل قائمة الطعام مكان الموائد المفتوحة”. حيث أن وجبات الموائد المفتوحة تشكل خطراً أكبر إلى جانب المسابح والحانات والشواطئ.
كشف استطلاع من قبل منظمة النقل الجوي الدولية أن 60% من الناس يفضلون الانتظار لشهرين بعد احتواء فيروس كورونا قبل حجز رحلاتهم، فيما قال 40% أنه بإمكانهم أن ينتظروا لستة أشهر أو أكثر.
وقالت “بوينغ” التي قلصت نحو 10% من قوتها العاملة الدولية في استجابة لفيروس كورونا، إنها لا تتوقع أن يعود السفر الجوي إلى مستويات عام 2019 حتى عام 2023 على الأقل.
من جهتها قالت شركة آي أيه جي/IAG الشركة الأم لخطوط الطيران البريطانية، إن الأمر قد يطول لسنوات عدة.
الخلاصة أن هذه الأزمة العالمية سوف تؤثر في المنظومة الإنسانية والاقتصادية والاجتماعي لسنوات عدة قادمة لأنه ضربت عميقاً وأثرت بكل فرد على هذا الكوكب، ويجب أن نتعايش معها وإيجاد واستخلاص الحلول الناجعة لتجاوزها عما قريب بإذن الله تعالى.