هولندا تستضيف قمة الناتو 2025 في لاهاي: لحظة حاسمة لتعزيز الأمن الدولي وسط أزمات عالمية

لاهاي : خالد بكداش

تستعد مدينة لاهاي الهولندية ( Den Haag ) لاحتضان واحدة من أبرز الفعاليات الدبلوماسية والأمنية لهذا العام، حيث تستضيف قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) خلال الفترة من 24 إلى 25 يونيو 2025، في حدث يعد الأول من نوعه الذي تستضيفه هولندا منذ تأسيس الحلف في عام 1949.

وتشكل هذه القمة محطة محورية في تاريخ الحلف وهولندا على حد سواء. فمن جهة، تتيح لهولندا تعزيز مكانتها كعضو موثوق وشريك رئيسي في الحلف العسكري الأكبر في العالم، ومن جهة أخرى تأتي في مرحلة تشهد تحديات غير مسبوقة على صعيد الأمن الدولي، أبرزها الحرب الدائرة في أوكرانيا منذ الغزو الروسي الواسع النطاق الذي بدأ عام 2022، إلى جانب التوترات المتزايدة في مناطق أخرى من العالم.

ويعكس اختيار لاهاي لاستضافة القمة، والذي تم الاتفاق عليه خلال قمة الناتو السابقة في فيلنيوس، ليتوانيا، في عام 2023، تقديراً لدور هولندا الفاعل في منظومة الدفاع المشترك وتعزيز الاستقرار العالمي.

حيث من المتوقع أن تشهد القمة حضوراً غير مسبوق من القادة وصناع القرار الدوليين، إذ سيشارك نحو 8500 شخص، بينهم 45 رئيس دولة وحكومة، و45 وزير خارجية، و45 وزير دفاع، إضافة إلى أكثر من 2000 صحفي من مختلف أنحاء العالم، و6000 عضو في الوفود الرسمية.

وبالتوازي مع القمة الرئيسية، سيُعقد أيضاً المنتدى العام للناتو، الذي يجمع حوالي 500 من السياسيين والخبراء والصحفيين وقادة الشباب لمناقشة القضايا المطروحة على جدول أعمال الحلف، وتبادل وجهات النظر حول مستقبل الأمن العالمي خلال جلسات حوارية وورش عمل مكثفة على مدار يومي القمة.

وتُعد التحضيرات لهذا الحدث من أعقد وأكبر العمليات اللوجستية التي شهدتها هولندا منذ عقود، حيث تشارك في تنظيمها عشرات المؤسسات الحكومية، وتعمل وزارتا الخارجية والدفاع الهولنديتان على تنظيم سلسلة من الفعاليات التحضيرية لرفع مستوى الوعي العام بالقضايا المطروحة للنقاش.

شعار القمة: التعاون والتكيف في عالم متغير

تحمل قمة لاهاي شعاراً معبراً عن روح الحلف وقدرته على التكيف في مواجهة التحديات المتغيرة، حيث يمزج الشعار بين رمزية توربينات الرياح المنمقة – في إشارة إلى الطاقة المستدامة والتقدم التكنولوجي – وساحل هولندا الشهير الذي يرمز إلى انفتاح الحلف واستعداده للتعاون الدولي في مواجهة الأزمات.

جدول أعمال حافل بالقضايا الساخنة

تتضمن أجندة القمة العديد من الاجتماعات رفيعة المستوى تشمل جلسات مغلقة لرؤساء الدول والحكومات، واجتماعات وزارية لوزراء الخارجية والدفاع، إضافة إلى عشاء رسمي، لقاءات ثنائية ومتعددة الأطراف، ومؤتمرات صحفية لمواكبة مجريات القمة ونتائجها.

وتُعقد هذه القمة في وقت بالغ الحساسية، حيث يناقش القادة سبل تعزيز القدرات الدفاعية للحلف، دعم أوكرانيا في مواجهة العدوان الروسي، تعزيز الأمن السيبراني، مكافحة التهديدات الهجينة، تعزيز العلاقات مع الشركاء في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، بالإضافة إلى قضايا الطاقة والمناخ كعناصر متزايدة الأهمية في المعادلة الأمنية الدولية.

حلف الناتو في عامه الـ 75: إرث من التحالف والدفاع المشترك

يأتي انعقاد قمة لاهاي بعد عام على احتفال الناتو بمرور 75 عاماً على تأسيسه. ومنذ إنشائه في عام 1949 بهدف ضمان الأمن الجماعي لأعضائه البالغ عددهم اليوم 32 دولة من أوروبا وأميركا الشمالية، ظل الناتو حجر الزاوية في المنظومة الدفاعية الغربية، ويواصل تكيفه مع متغيرات البيئة الاستراتيجية لضمان الأمن والاستقرار في عالم متقلب.

وبينما يتطلع العالم إلى نتائج قمة لاهاي، تبقى الأنظار مركزة على قدرة الحلف على تعزيز وحدته واتخاذ قرارات مصيرية في لحظة تاريخية حرجة تشهد تصاعد التوترات الإقليمية والدولية بشكل غير مسبوق منذ عقود.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى