
عملية أمنية دامية في ريو دي جانيرو تخلّف 64 قتيلاً
سام تاج الدين: ريو دي جانيرو

تحولت بعض أحياء مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية إلى ساحات قتال مفتوحة بعدما شنّت قوات الأمن عملية واسعة ضد إحدى أكبر شبكات تجار المخدرات والعصابات المسلحة، ما أسفر عن مقتل 64 شخصاً على الأقل من بينهم 4 من أفراد الشرطة، في واحدة من أكثر الحملات الأمنية دموية في تاريخ الولاية.
ووفقاً لسلطات الأمن البرازيلية، شارك في العملية أكثر من 2,500 عنصر من الشرطة مدعومين بمروحيتين وطائرات مسيّرة و32 سيارة مدرعة، و«12 سيارة هدم» تُستخدم لهدم حواجز أقامها تجار مخدرات، لمنع الشرطة من دخول شوارع الأحياء الفقيرة الضيقة. ، واستهدفت العملية مجمّعين من الأحياء الفقيرة شمال المدينة هما كومبليكسو دا بينيا وكومبليكسو دو أليماو، وهما من أبرز معاقل تهريب المخدرات في البلاد وتقعان قرب مطار غالياو الدولي.
أظهرت مقاطع مصوّرة انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي أعمدة دخان كثيفة ودويّ اشتباكات عنيفة بين الشرطة والعصابات، فيما شوهدت قوات الأمن وهي تقتاد عشرات المشتبهين، بعضهم حفاة الأقدام وعراة الصدور، في مشهد أعاد إلى الأذهان حملات أمنية سابقة داخل الأحياء الفقيرة.
وصرّح كلاوديو كاسترو، حاكم ولاية ريو دي جانيرو، إن العملية تُعدّ «الأكبر في تاريخ الولاية»، واصفاً المجموعات المسلحة بأنها تمارس «إرهاب المخدرات»، في إشارة إلى التكتيكات القتالية التي تستخدمها العصابات، مثل إطلاق القنابل من طائرات بدون طيار، وأضاف أن الشرطة صادرت 42 قطعة سلاح ناري وكميات كبيرة من المواد المخدرة، وأوقفت 81 شخصاً، مؤكداً استمرار الحملات حتى «تطهير» تلك المناطق من نفوذ العصابات.

ونشر كاسترو مقطع فيديو على «إكس» لطائرة مسيّرة تُطلق مقذوفاً من السماء، وقال: «هكذا يستقبل المجرمون شرطة ريو: بقنابل تُطلقها طائرات بدون طيار. هذا هو حجم التحدي الذي نواجهه. إنها ليست جريمة عادية، بل إرهاب مخدرات».
وبحسب مصادر أمنية، فإن بين القتلى أربعة من رجال الشرطة، فيما لم يُحدد بعد عدد المدنيين الذين قد يكونوا من بين الضحايا. وتُعتبر هذه الحصيلة الأعلى منذ عام 2021 حين قُتل 28 شخصاً في مداهمة مماثلة داخل حي جاكاريزينيو الفقير.
تُعدّ ريو دي جانيرو من أكثر المدن البرازيلية تأثراً بعنف العصابات المنظمة المتجذر، إذ تتوزع السيطرة على أحياءها بين فصائل متنافسة أبرزها القيادة الحمراء» (Comando Vermelho) و«الفرقة الثالثة» (Terceiro Comando Puro)، اللتان تخوضان صراعاً مستمراً على تجارة الكوكايين والسلاح.
وفي عام 2024 وحده، قُتل نحو 700 شخص في عمليات نفذتها قوات الأمن في المدينة، بمعدل يقارب شخصين يومياً، وفقاً لإحصاءات رسمية.
وكانت المحكمة العليا البرازيلية قد فرضت عام 2020 قيوداً على العمليات الأمنية داخل الأحياء السكنية، شملت حظر استخدام المروحيات والعمليات قرب المدارس والمراكز الصحية، غير أنها رفعت تلك القيود عام 2024، مما سمح بعودة الحملات المكثفة.

إلا أن منظمات حقوقية وخبراء أمنيين انتقدوا بشدة هذه السياسة، معتبرين أن «النهج العسكري لا يُعالج جذور المشكلة»، وأن الحل يكمن في «الاستثمار في التعليم، وفرص العمل، وإصلاح الشرطة التي تعاني من الفساد والعنف المفرط».
ورغم هذه الأحداث، تبقى ريو دي جانيرو الوجهة السياحية الأبرز والأجمل في البرازيل، حيث توازن بين الأمن والسياحة، إذ تستعد المدينة لاستقبال ملايين الزوار خلال الكرنفال مطلع العام المقبل وسط تشديد أمني واسع لضمان سلامة الزائرين.





