الإرهاب الغربي الإسلاموي
بقلم سام تاج الدين
منذ ولدَ الإسلام من أكثر من 1400 سنة لم تتوارد كلمة “إرهاب” أو تستعمل من قبل أي من الصحابة والتابعين وكافة الخلفاء وأمراء المؤمنين قاطبة أبدا، فمن قتل نفس بغير نفس كأنما قتل البشرية جمعاء، طبعا هذه العبارات التي في ديننا لم تذكر ولن تذكر يوما على شاشات التلفزيونات الغربية لأنها ضد مصالحهم في ترهيب الدول لامتصاص خيراتها بحجة الحرب على الإرهاب.
قال صلى الله عليه وسلم: “المؤمن من أمنه الناس”، ولم يحدد الرسول الكريم إن كانوا من جنسية أو قومية أو لون أو دين معين ولكن للبشرية جمعاء.
ولو كان الإرهاب حلاً ناجعاً وطريق قويم للسيطرة فما كان من رسول الله إلا أن أرسل صحابته للقيام بعمليات إرهابية ممن طردوه من مكة، لكن هذا لم يحدث أبداً!، لا بل على العكس كان رسول الله يُؤمّن من كان يستجير به حتى وإن كان من أعدائه.
مفهوم “الإرهاب” ظهر بعد حرب أفغانستان بين أميركا والاتحاد السوفيتي، وراج بعد هجمات سبتمبر / أيلول في نيويورك، وعمّم بعدها على المسلمين بشكل خاص ومقصود ليتخذ ذريعة للتدخل وتهديد وتهويل دول بهذه البردعة الغربية، هؤلاء الإرهابيين المزعومين من أي جنسية كانوا، ما داما يغردون خارج السرب الأميركي أو الروسي، وانضمت بعض دول أوربة لنادي المرهبين مؤخراً مثل فرنسا، وأصبح يخترع مصطلحات جديدة موازية مثل “الإسلام اليساري” و “الإسلاموفوبيا” و “الإرهاب الإسلامي”، وبسبب نفوذ وقوة الولايات المتحدة فقد جعلت قضيتها الوطنية تمتد لتصبح دولية وأشركت بها كافة دول العالم للمحاربة بصفها، وإلا فسوف توصم بالدول الراعية للإرهاب!، ويجب أن ننوه لكون حملة أميركا على الإرهاب هي حملة نفعية سياسية بحتة لا تمت للأخلاق والقيم الإنسانية من قريب أو بعيد.
فكرست الآلة الإعلامية لترسيخ هذا المصطلح المعوج كون معظم الشباب يتمّ تربيتهم على شاشات التلفاز التي يسيطر عليها الإعلام الغربية والأميركي خاصة، مع أن الواقع يشير أن نسبة الإرهابيين المزعومين لا يتجاوز 0.00001 من مجموع المسلمين الذي يتجاوز 1.8 مليار حول العالم، ودولة مثل ماينمار قامت حكومتها بأعمال إرهابية أضعاف مضاعفة ما قام به كل المسلمون خلال أكثر من 1400 سنة. فإن قتلت بصمت فلن تتجاوز جريمتك بضعة أخبار محلية، لكن إن قتلت وصرخت الله أكبر فالجريمة ستصبح دولية ووصمة عار لكل مسلم قصا أو دنى.
بتنا الآن نصدق ونردد الترهات الغربية عن الإرهاب، وإن كان معظمنا غير مقتنعين بها داخليا، إلا أننا نتبعها ونحذو حذوهم ونطبق مفاهيمهم المسلطة ضدنا، لماذا لا يستخدم الغرب الآيات القرآنية وأحاديث النبي الكريم لتوعية المسلمين المغسولة أدمغتهم إيديولوجياً بدلا من السياسة الأمنية والتنصت والتجسس وغيرها من الوسائل التي تؤدي لفرض الرأي الآخر بالقوة، لأن الهدف ليس محاربة الإرهاب بالفعل بل فرض الأفكار والقوانين والابتزاز السياسي والاقتصادي والبشري للدول الأخرى بشكل جديد من العبودية، والإرهاب هو الكلمة المفتاحية والباب الكبير المشرّع لهم لدخول دولنا.
أصبح المسلمون مرّهبين من الغرب وصودرت حقوقهم الدينية والمدنية وأغلقت دور عباداتهم وجمعياتهم الخيرية والمدارس الإسلامية ويفرض عليهم تغير إيديولوجي ممنهج لتسطيح ثقافتهم ودينهم وطمس هويتهم.
ويتجلى أن هناك رغبة لدى بعض الدول في عدم تحديد معنى إجرائي دولي للإرهاب، بحيث يلتَزم به ويحترم في كافة أنحاء العالم، ويعاقَب كل من يخترقه، بغض النظر عن مسماه أو مكانته، وطبعاً هذا مقصود حيث أن تحديد مفهوم الإرهاب سوف يحرم الدول الكبرى المسيطرة من يستفيد المسلمون من تحديد مفهوم الإرهاب، بحيث يصبح كل ما هو خارج إطار معنى الإرهاب المتفق عليه، هو مباح فعله، وفاعله لا يمكن أن يدرج أو يلاحق على أنه إرهابي، وأيضاً خشية هذه الدول أن يستفيد من هذا التحديد لمفهوم الإرهاب حركات التحرر في العالم في جهادهم ونضالهم للتحرر من هيمنة وطغيان واستعباد المستعمر المحتل كسيطرة فرنسا على مقدرات وموارد الكثير من الدول الإفريقية، وتحديد مفهوم الإرهاب يحد من قدرة هذه الدول على التدخل في شئون البلاد الأخرى باسم مكافحة الإرهاب، والحد من قدرتها على استخدام الكثير من الوسائل وقوانين مكافحة الإرهاب التي تستخدمها اليوم، وأيضاً قد ينقلب هذا على هذه الدول وتتعرض للإدانة والمساءلة القانونية كجرائم الحرب. باختصار هذه الدول تسعى لأن يبقى ما هو محرم على غيرهم مباحاً لها وأن يبقى شعار محاربة الإرهاب شعاراً مطاطاً يمكِّنهم من التدخل في شؤون الآخرين، كلما اقتضت مصالحهم ذلك.
حتى أن البابا فرنسيس رفض الربط بين الإسلام والإرهاب في رده على سؤال عن سبب عدم ذكره بتاتا للإسلام في كل مرة يدين فيها هجوما جهاديا. وقال الحبر الأعظم “ليس صحيحاً أو حقيقياً (القول) أن الإسلام هو الإرهاب لا أعتقد أنه من الصواب الربط بين الإسلام والعنف”، محذرا أوروبا من أنها تدفع قسما من شبابها نحو الإرهاب.
وأسوتنا في وصية نبينا الكريم في حديثه الشريف: (وتعاونوا على البر والتقوى، ولا تعاونوا على الإثم والعدوان). فقد كان ومازال وستبقى يد الإسلام نظيفة من دماء الأبرياء، ولا يجب أن نجمل تصرفات زعماء وقادة متفردين ديكتاتوريين في القتل والتشريد، لا يجب أن تنسب للإسلام لأنهم ليسوا بالمسلمين لكي ينسبوا لنا أو لأي دين آخر، هم عبدة الدنيا والمال والسلطة فقط.