السياحة الحلال، نمو مطرد وآفاق مستقبلية
بقلم سام تاج الدين
160 مليون مسافر مسلم سنوياً
222 مليار دولار مردود سياحة الحلال في عام 2023
5٪ معدل النمو السنوي المركب لسوق السياحة الحلال
السياحة الحلال أحد القطاعات السياحة التي تتمتع بأسرع معدلات النمو في العالم لتشكل قطاع سوقي أساسي في السياحة العالمية حيث أنه هناك ما يزيد عن 170 مليون مسافر مسلم حول العالم سنوياً لأكثر من 138 وجهة بما يعادل 13% من المسافرين الدوليين عام 2023، ويتوقع وصول هذا العدد لنحو 230 مليون بحلول 2028. وفقا لمؤشر السفر الإسلامي العالمي، بلغت قيمة مردود السياحة الحلال 222 مليار دولار أمريكي في عام 2023، ومن المتوقع أن ينمو سوق السياحة الحلال بمعدل سنوي مركب يبلغ نحو 5٪ حتى عام 2028.
70٪ يفضلون الأنشطة الثقافية
63% يبحثون عن فرص لتعلم شيء جديد في رحلاتهم
95% من المسافرين إلى مناخات سفر مريحة وخالية من جرائم الكراهية
76% يجدون أن عامل الترابط الاجتماعي مهم في رحلاتهم
الهدف الأساسي للسياحة الحلال هو قضاء العطلات بما يتناسب مع قيم وثقافة وديانة المجتمعات الإسلامية وتمتد لغيرها من المجتمعات المحافظة التي تحرص على ألا تعرّض أطفالهم وأسرهم للانفلات والتعري وتناول المحرمات وحرية ارتداء ما يناسب الشخص دون قيود، ومشاركة الأسر أسر أخرى قيمهم وعاداتهم أثناء العطلة، وتوفر الخدمات الخاصة بالمسلمين من أماكن للصلاة والوضوء والنظافة والطعام والشراب الحلال.
السلامة والأمن، المخاوف الرئيسية لتحديد وجهة السفر
إن التطورات الأخيرة في سوق السياحة الحلال ناجمة عن اتجاهات المستهلك الأخلاقية والتغير في مزاج المستهلكين المسلمين على مستوى العالم، أو حتى تتجاوزها للمجتمعات الأخرى التي باتت تحت وطأة الحريات المزعومة التي تَفرض على أطفالهم عادات وأخلاق لا تناسبهم على رأسها المثلية والتفلت الأخلاقي.
+90% يحتاجون إلى غرف للصلاة مخصصة للنساء فقط
60% من النساء يفضلن المنتجعات الصحية المخصصة للسيدات فقط
40% من النساء يرغبن بشواطئ مخصصة للنساء فقط
يبرز عامل العمر حيث أن أعمار من هم دون 40 سنة يشكلون ما معدله 70% من المسافرين المسلمين، وهذا يعني التفاعل مع المزيد من الأنشطة وبالتالي حجم إنفاق أكبر، وتشكل النساء ما نسبته 45% من أعداد المسافرين المسلمين بسبب أنهن يفضلن الوجهات المصنفة لسياحة الحلال كونها تشكل بيئات آمنة لهنّ، وحجم الإنفاق للسائح الحلال يعد الأكبر كون معظم زبائنه من العائلات وبالتالي فإن العوائد المالية أكبر من باقي فئات السياح، خاصة أن القسم الأكبر منهم يتحدرون من دول غنية.
تسارعت وتيرة انتشار ونمو سوق الحلال باضطراد تصاعدي بشكل كبير ويتوقع أن تبلغ نحو 5 ترليون دولار عام 2030، حاليا هناك أكثر من 2 ترليون دولار في قطاع المنتجات الحلال تستهلك سنوياً منها 1.17 ترليون في قطاع الأغذية والمشروبات الحلال أي بنسبة 30% من مجمل سوف الأغذية والمشروبات في العالم، ويمثل الاقتصاد الحلال 3.7% من مجمل التجارة العالمية عام 2020.
53% ينفقون ما يصل إلى 150 دولارًا أمريكيًا يوميًا خلال رحلاتهم
أبرز الوجهات السياحة الحلال هي ماليزيا بخدماتها المميزة المتقدمة، وتتنافس مع إندونيسيا وجزر المالديف، وتبرز الإمارات ودبي خاصة كوجهة رائدة للسياحة العائلية، ومن الوجهات القادمة بقوة المملكة العربية السعودية، وهنا لا نقصد بها السياحة الدينية للأماكن المقدسة، حيث أن برامج التنمية للوجهات السياحية داخل السعودية تبدو واعدة جداً لتنوعها والقدرة على تخديمها من قبل الحكومة، وكذلك تبرز المغرب كوجهة تمتلك الكثير من الإرث الحضاري والثقافي الإسلامي، لكنها تحتاج للمزيد من التطوير في القطاع والخدمات والتشريعات السياحية، وكانت تركيا من الوجهات المميزة لكنها تراجعت خلال السنوات الأخيرة بسبب تصاعد العنصرية من المواطنين الأتراك ضد السياح وعدم اتخاذ الحكومة لإجراءات رادعة في هذا الاتجاه، بالإضافة للمبالغة في رفع الأسعار واستغلال السياح، لذا فهي ليست من الوجهات التي ينصح بها.
لا يقتصر مفهوم السياحية الحلال على الأطعمة والأشربة فقط بل يتجاوزه للمساكن والخدمات والملابس والمعاملات المصرفية والمالية، هذا فضلا عن قطاع التصنيع، فهي منهج حياتي متكامل للتعايش مع المجتمعات كافة، ومع تجاوز أعدد المسلمين في العالم من نحو مليارين فقد بات هذه القطاع عامل جذب ربحي للكثير من الشركات العالمية، حيث يتزايد معدل الانفاق العالمي على المنتجات الحلال بمعدل 3.5% سنوياً، ويشكل سوق منتجات الحلال نحو 18% في العالم. وحتى الشركات العالمية الكبرى باتت تخصص جزء من منتجاتها لقطاع الحلال، فمثلاً تخصص شركات الملابس العالمية الكبرى ما يزيد عن 10% من مجموع المبيعات للملابس الحلال.
لم يعد قطاع الحلال قاصر على المستثمرين والمستهلكين المسلمين فقط بل أصبح رائج لدى الكثير من السياح خاصة النباتيين أو ممن يرغبون بجودة طعام صحي وآمن، أو التمتع بالحرية الشخصية وصديقة للأسرة في المنشآت السياحية أو الفنادق الحلال التي تسمح بحرية ارتداء أي زي للسباحة أو في الأماكن العامة دون تقييد على عكس الكثير من الدول التي تتشرط وتضع قيود تحد من الحرية الشخصية، وهذا التوجه يتنامى ويروج لما له من عناصر جذب كثيرة تفتقر لها السياحة الاعتيادية.
مع موجة اللجوء والهجرة الضخمة لأوربة خاصة ودول العالم عامة والتي يشكل المسلمون النسبة الأكبر منهم بالإضافة لأعداد الداخلين في الإسلام الضخم، هذا أدى لطفرة خلال العقد الأخير بنمو السياحة الحلال ومكوناتها التي تتبع لها، ولاتزال الدول المسلمة تتصدر الإنتاج والتصدير للسلع الحلال على رأسها ماليزيا وإندونيسيا ودول الخليج، وكانت السياحة الحلال تقصر على الأطعمة والمشروبات خاصة اللحوم بأنواعها والمنتجات التي لا تحوي لحوم أو دهن الخنزير والمواد الكحولية، لكن في السنوات الأخيرة تطورت بشكل كبير لتشمل قطاعات سياحية كاملة بمفاهيم جديدة حيث أصبح هناك مواقع للحجوزات الفندقية الحلال التي لا تبيع الخمور وأي منتجات تشمل اللحوم المحرمة أو التي لم تذبح على الطريقة الإسلامية ولا تسمح بالاختلاط في أماكن الأنشطة داخل الفندق كالمسابح وأماكن ممارسة الرياضة وغيرها أو تسمح بحرية ارتداء أي ملابس تناسب كافة المرتادين، وظهرت سياحة حلال مخصصة للنساء فقط وتطورت لتشمل منتجات التجميل والعطور والعناية بالجسم التي هي معظمها تحوي منتجات من الخنزير أو المواد الكحولية.
تنامت هذه السوق بشكل كبير خاصة في دول مجلس التعاون الخليجي، وأصبحت البنوك الإسلامية تُسرّع باضطراد نمو هذه التجارة بتمويلاتها الضخمة لما لَمست من تنامي كبير في هذا القطاع الأمر الذي سوف يؤدي لطفرة في نمو هذا السوق في السنوات القادمة ويطور البنية التحتية لهذا القطاع ويسهل اندماجه في سوق التجارة العالمية وسلاسل التوريد.
+80% يحتاجون إلى وسائل التواصل الاجتماعي أثناء رحلتهم
أضحى لنمو السياحة الحلال عوامل عدة منها المتغيرات المتسارعة في الخريطة الديموغرافية وتأثير آراء الفقهاء، حيث باتت أعداد المسلمين في أوربة مثلا أكبر وبالتالي تنامت الحاجة لهذا النوع من المنتجات والخدمات، والأمر ينطبق على العديد من الدول الأخرى، هذا لجانب تنمية الوعي لدى الفئات الغير مسلمة بهذه المنتجات والخدمات التي فتحت لهم آفاق وخيارات جديدة لم تكن متاحة لم سابقاً.