المساحات الخضراء
بقلم سام تاج الدين
المساحات الخضراء المزروعة بالمدينة تلعب دوراً هاماً وملموساً في تحسين ظروف البيئة التي يعيش فيها الإنسان وتمثل أحد أهم طرق المحافظة على عناصر البيئة من التلوث بجانب الفوائد التجميلية للشوارع والساحات والميادين العامة بالمدينة وحدائقها العامة مما ساهم في توفير الترويح والترفيه والتريض لسكان وزوار المدينة.
إن النهضة العمرانية التي تشهدها مدينة دبي في مجال البناء وتشييد وإقامة المناطق العمرانية الجديدة ذات الأبراج العالية وكذلك المنشآت التجارية والصناعية وإنشاء الطرق والجسور والأنفاق ومواقف السيارات قد أثرت سلبا علي عناصر البيئة نتيجة لأن الكتل الخرسانية والمساحات الإسفلتية قد ساهمت في تلوث الهواء وارتفاع نسبة الغبار به أثناء مراحل البناء المختلفة وأدت إلي ارتفاع درجات الحرارة الناتجة عن انعكاس الطاقة الحرارية لأشعة الشمس من المباني والأبراج خاصة الزجاجية منها بالإضافة إلي التلوث البصري مما أثر نفسيا في السكان ومستخدمي الطرق ولولا وجود الأشجار والمساحات الخضراء المزروعة بالشوارع المحيطة بمواقع هذه المشاريع والتي أدت إلي خفض نسبه التلوث وهو ما أكدته نتائج الدراسات البيئية التي تمت علي مشروع توسعة وتطوير مطار دبي ومشروع إنشاء حديقة زعبيل نتيجة للدور الهام للمساحات الخضراء المزروعة بالمدينة وحول هذه المواقع حيث أن المساحات الخضراء بما تحوية من أشجار وشجيرات ومسطحات خضراء وزهور تلعب دوراً بيئيا وصحياً واقتصاديا وأمنياً هاماً كما هو موضح:
أهمية المساحات الخضراء من النواحي البيئية
- خفض تأثير الإشعاع الشمسي والضوئي
يتأثر الإشعاع الشمسي بوجود الأشجار المزروعة بالشوارع والحدائق حيث أن أشعة الشمس هي مصدر لكل من الضوء والحرارة فإن انخفاض الإشعاع الشمسي يكون مرتبطاً بانخفاض شدة الضوء ونجد أن هذا التأثير يختلف تبعاً لعوامل كثيرة أهمها الكثافة العالية للأشجار المزروعة بالشوارع والساحات والميادين والحدائق والغابات والمحميات مما يسمح بوصول كمية قليلة من أشعة الشمس للأرض فعندما يسقط الضوء على تيجان الأشجار نجد أن جزءاً منه ينعكس وجزء يمتص بواسطة الأوراق الموجودة بتيجان الأشجار ويستخدم في عملية التمثيل الضوئي وجزء آخر يتشتت ويصل للأرض وذلك كما هو واضح بالشكل التالي:
والجدول التالي يوضح تأثير بعض الأشجار والشجيرات إزاء الأشعة الواصلة إليها من الشمس في صورة نسبة مئوية :
أشجار وشجيرات | أشعة تعكس ثانية | أشعة تمتص | أشعة متخللة |
Betula verrucosa | 38 | 55.5 | 6.5 |
Crataegus sanguinea | 37 | 62 | 1 |
Quercus robur | 50.5 | 41 | 8.5 |
Aesculus hippocastamum | 51.5 | 33.5 | 10 |
Acer platanoides | 50 | 44. | 6 |
Tilia euchora | 33 | 72 | 5 |
Almis glutinesa | 37 | 58 | 5 |
Populus tremula | 61.5 | 29 | 9.5 |
Juglans mandshurica | 28 | 71 | 1 |
Syringa josikaea | 32 | 63 | 5 |
Populus balsmifera | 39.5 | 55 | 5.5 |
Prunus padus | 19.5 | 78.5 | 2 |
Malus baccata | 53.5 | 36.5 | 10 |
تأثير الأشجار والشجيرات علي درجة الحرارة:
مما سبق ذكره نجد أن الغطاء التاجي يؤدي إلى انخفاض الإشعاع الشمسي تحت التاج إلى أقل من 1% أحياناً وعلى هذا فإن انخفاض شدة الضوء تكون مرتبطة بانخفاض درجة الحرارة خاصة في الطبقات القريبة من سطح الأرض وخاصة في الوقت الحار من السنة أو اليوم وبمعنى آخر فإن وجود الأشجار والشجيرات بكثافة يؤدي إلى خلق مناخ دقيق Micro-climate يختلف عن المناخ العام للمنطقة، كذلك وجد أن الأشجار والشجيرات عريضة الأوراق والتي تحتوي أوراقها علي عدد كبير من الثغور هي الأفضل تأثيرا في هذا المجال.
- تأثيرها علي سرعة الرياح:
يعتبر تأثير مجموعات الأشجار على سرعة الرياح من العوامل المهمة وذلك للأسباب الآتية:
- أنها السبب في تحريك الرمال وتعرية الأراضي.
- تعتبر أحد العوامل المرتبطة بالتبخر والنتح وسقوط الأمطار.
- علاقتها الوثيقة بالتغيرات في درجات الحرارة والرطوبة نتيجة لتحرك الكتل الهوائية
حيث تؤدي مجاميع الأشجار إلى خفض شديد في سرعة الرياح وهذا التأثير يتوقف على كثافة الغطاء التاجي وعلى كثافة الأشجار في الموقع نفسه لذلك تعتبر الأشجار القائمة النمو مستديمة الخضرة هي الأفضل تأثيرا علي سرعة الرياح والجدول التالي يوضح العلاقة بين ارتفاع الأشجار وسرعة الرياح:
البعد عن النباتات معبراً عنه في وحدات (ف) كل منها تساوي ارتفاع النباتات | سرعة الرياح خلف النباتات مقارناً بسرعتها أمامها (%) |
ف | 40 |
2 ف | 45 |
3 ف | 55 |
4 ف | 60 |
5 ف | 65 |
10 ف | 80 |
15 ف | 85 |
20 ف | 90 |
25 ف | 92 |
40ف | 95 |
- تأثيرها علي الرطوبة الجوية:
يؤثر الغطاء الشجري على الرطوبة الجوية بطريقة مباشرة مثل النتج أو بطريقة غير مباشرة مثل تأثيره على التبخر والإشعاع وخلافه. أما من ناحية تأثير الغطاء الشجري على الرطوبة النسبية فقد وجد أن الرطوبة النسبية داخل الغطاء التاجي تكون أعلى منها في المناطق المكشوفة وقد وجد أيضاً أنها تكون أعلى بما يزيد 11% في بعض الحالات بالإضافة إلى أن الرطوبة النسبية تكون أعلى ما يمكن بالقرب من الأرض وتقل مع زيادة الارتفاع عن سطح الأرض حتى تصل إلى فوق منطقة التاج فتصبح مساوية للمناطق المكشوفة.
تأثيرها علي حفظ التربة ومنع إثارة الأتربة :
تعتبر المساحات الخضراء من العوامل التي تساعد على تثبيت حبيبات التربة وتماسكها بالإضافة إلى تقليلها لتأثير شدة سقوط الأمطار مباشرة على سطح الأرض تحت التيجان الشجرية مما يزيد من مقاومتها للانجراف بفعل الرياح أو سقوط الأمطار وبالتالي يقلل من نسبة الغبار بالهواء الجوي وقد لمسنا هذا التأثير علي شارع دبي العين بعد تشجيره وزراعته بأشجر الغاف وشجيرات الأراك حيث توقف تحرك الرمال من الجوانب وتجمعها وسط الطريق بسبب تماسك التربة الناتج عن انتشار المجموع الجذري للأشجار والشجيرات المزروعة بتربة المنطقة المزروعة .
أهمية المساحات الخضراء من النواحي الصحية
تعمل المساحات الخضراء بوسائل عديدة على جعل البيئة المحيطة بالإنسان أكثر ملائمة لمعيشته فللمساحات الخضراء تأثيرها على الناحية الصحية عن طريق:
- تأثيرها على محتوى الهواء من الأتربة
تقوم النباتات بهذا الدور بوسيلتين الأولى أنها تقلل من إثارة الأتربة من حيث النشأة والثانية أنها تمسك بتلك الأتربة العالقة في الهواء على سطح الأوراق المبللة بمياه النتح.
- تأثيرها على محتوى الهواء من الميكروبات
إن الأتربة بالهواء تعمل على انتشار الأمراض بما تحمله من ميكروبات والتنظيف الميكانيكي للأتربة الحادث عن طريق النباتات حيث تقوم بدورها عن طريق أوراقها المبتلة الرطبة دوماً والتي يمكنها أن تمسك بالأتربة العالقة بالجو وأن تحتفظ بها فوق سطحها العلوي والسفلي حتى تغسلها مياه الأمطار أو الرش وهذا بدوره يعمل على تقليل أعداد الميكروبات بالمختلفة بالإضافة إلى ما تفرزه النباتات من بعض المواد بغرض الحماية حيث تؤثر هذه المواد بشدة على الميكروبات وقد وجد إن إفراز هذه المواد يزداد عند جرح النبات أو أثناء إجراء العمليات الزراعية المختلفة.
- تأثيرها على التركيب الكيميائي للهواء
كما نعلم فإن النباتات تمتص ثاني أكسيد الكربون نهاراً وتطلق الأكسجين وبهذا فإن الهواء داخل وبجوار المساحات الخضراء يصبح أكثر ملاءمة للإنسان ، حيث تقل نسبة أول وثاني أكسيد الكربون الضار بصحة الإنسان وترتفع نسبة الأكسجين التي تعطي الإنسان شعوراً بالانتعاش ، وعلى سبيل المثال فإن المتر المربع من مسطح اخضر يمتص 1.5 جرام من ثاني أكسيد الكربون في الساعة ويعني ذلك نظرياً أن كل 25م2 من المسطح أخضر يمكنها أن تسـتهلك كل كمية ثاني أكسيد الكربون التي يطلقها إنسـان واحد في الساعة (38 جرام ثاني أكسيد الكربون).
- تأثيرها على الضوضاء
تقلل المساحات الخضراء بقدر كبير من انتشار الضوضاء فالأوراق والأفرع تعكس الموجات الصوتية الساقطة عليها في اتجاهات مختلفة أي أنها تعمل على تشتيت الموجات الصوتية بالإضافة إلى أن الصوت الذي تحدثـه أوراق الأشجـار عنـد تحركها بفعل الهواء (حفيف الأوراق) يغطي على جزء من الضوضاء كما تقلل المساحات المزروعة بقدر كبير من تأثير وانتقال الاهتزازات الناتجة عن حركة السيارات والشاحنات على الطرق، والشكل التالي يوضح تأثير بعض الأصوات علي الإنسان (وحدة القياس dB ديسي بل):
170 إطلاق صاروخ.
160 آلات تنبيه وإنذار.
140 أصوات لا تتحملها الأذن.
120 محرك آلي.
110 محرك.
100 نادي ليلي.
90 مترو أنفاق.
80 الإنسان
70 هاتف.
30 النوم.
مقارنة بين متوسط قراءات أجهزة الرصد للضوضاء وتركيز غازات أول وثاني أكسيد الكربون داخل وخارج حديقة الصفا:
م | وجه المقارنة | داخل الحديقة | خارج الحديقة | التأثير |
1 | الضوضاء dB ديسي بل | 57.9 | 72.4 | تسببت المساحات المزروعة بالحديقة في خفض شدة الضوضاء بمقدار 20 % |
2 | تركيز أول أكسيد الكربون بالجزء في المليون | 0.8 | 1.6 | تسببت المساحات المزروعة بالحديقة في خفض تركيز غاز أول أكسيد الكربون في الهواء داخل الحديقة بمقدار 50 % عنه خارج الحديقة. |
3 | تركيز ثاني أكسيد الكربون بالجزء في المليون | 434 | 484 | تسببت المساحات المزروعة بالحديقة في خفض تركيز غاز ثاني أكسيد الكربون في الهواء داخل الحديقة بمقدار 10 % عنه خارج الحديقة. |
مقارنة بين متوسط قراءات أجهزة الرصد للضوضاء وتركيز غازات أول وثاني أكسيد الكربون داخل وخارج حديقة زعبيل:
وجه المقارنة | داخل الحديقة | خارج الحديقة | التأثير | |
1 | الضوضاء | 60.6 | 74.2 | تسببت المساحات المزروعة بالحديقة في خفض شدة الضوضاء بمقدار 18 % . |
2 | تركيز أول أكسيد الكربون بالجزء في المليون | 0.8 | 1.6 | تسببت المساحات المزروعة بالحديقة في خفض تركيز غاز أول أكسيد الكربون في الهواء داخل الحديقة بمقدار 50 % عنه خارج الحديقة. |
3 | تركيز ثاني أكسيد الكربون بالجزء في المليون | 454 | 488 | تسببت المساحات المزروعة بالحديقة في خفض تركيز غاز ثاني أكسيد الكربون في لهواء داخل الحديقة بمقدار 7 % عنه خارج الحديقة. |
أهميتها من الناحية النفسية
- اللون الأخضر السائد بالمساحات المزروعة مهدئ ومريح للأعصاب ويزداد هذا التأثير عند وجود عناصر تجميلية أخرى بجانب العنصر النباتي مثل شلالات وبرك المياه والنوافير ناهيك عن التأثير الإيجابي للرائحة العطرية لزهور هذه النباتات.
- المساحات الخضراء المفتوحة كتلك الموجودة بالتقاطعات وعلى جوانب الشوارع والحدائق تعطي شعوراً بالتحرر والارتياح لذلك فالمساحات الخضراء هي ملجأ الإنسان للترويح عن النفس من عناء العمل ومناطق ملائمة للاستشفاء.
أهميتها من الناحية التجميلية
عادة ما تتوازن عناصر التنسيق النباتية وغير النباتية بمشاريع الزراعة التجميلية من حيث المساحة والارتفاعات وتوافق الألوان والتفاعل مع المنشآت المحيطة به كالمباني والجسور حيث تلعب النباتات المستخدمة دوراً كبيراً في تخضير وتجميل المدينة من خلال قيام كل نبات من النباتات المزروعة بدور أو هدف محدد يؤديه فالزهور الموسمية تحدث تغييرا في مظهر المساحات الخضراء خلال فصل الشتاء من حيث تواجد وتناسق الألوان الزاهية للزهور ، وتؤدي أشجار البوانسيانا المزهرة نفس الدور خلال الفترة من شهر مايو وحتى نهاية أغسطس ولحين زراعة الزهور الصيفية وتكون المحصلة النهائية هو تجميل وتخضير المدينة .
ويقاس حالياً مدى تقدم ورقي المدن عالمياً بما تحويه من مساحات خضراء وما توفره كنصيب للفرد من هذه المساحة ولأهمية هذا الموضوع فقد أنشأت المنظمات العالمية والإقليمية جوائز عديدة في هذا المجال تتنافس عليها مدن العالم ويتم منحها للدول التي تتبني رؤى ومعايير واضحة في هذا المجال.
أهميتها من الناحية الاقتصادية
حيث أن الاهتمام بتجميل المدن وتحسين ظروفها البيئية من خلال نشر المساحات الخضراء يعمل على ارتفاع قيمة العقارات وزيادة فرص الاستثمار وانتعاش السياحة بالإضافة إلى إمكانية تحقيق عوائد مالية نتيجة تقديم خدمات الاستجمام والترويح والتريض والترفيه داخل المساحات الخضراء كما أن الاستفادة من المخلفات الزراعية وتدويرها وتحويلها إلى أسمدة عضوية يعتبر من المشاريع ذات العائد المادي الجيد، كما أن إنشاء مصدات الرياح والأحزمة الخضراء حول المزارع وبساتين الفاكهة ومزارع الدواجن يؤدي إلي مضاعفة الإنتاج بها.
أهميتها من الناحية الأمنية
أن عملية زراعة المساحات الخضراء تعمل على تقليل الأخطار التي تحيط بالإنسان وممتلكاته كالحرائق والسيول كما أن زراعة المساحات الخضراء بطريقة علمية بالتنسيق مع مهندسو الطرق والمرور بالمدن تعمل على تحقيق أكبر قدر من الأمن والسلامة لحركة السير والمرور داخل وخارج المناطق السكنية.