أجنحة دول الخليج ظاهرة ثقافية تبرز الأصالة والموروث الشعبي في القرية العالمية
في رحلة ممتدة على مدى أكثر من عشرين عاماً من التقاء الحضارات والثقافات في القرية العالمية، الوجهة العائلية الأولى للثقافة والترفيه والتسوق في المنطقة، لطالما استحوذت أجنحة دول الخليج على اهتمام استثنائي من رواد الوجهة بما تقدمه من تنوع وخصوصية في عناصرها التي عكست حياة شعوبها على اختلاف أنماطهم وتقاليدهم.
وفي عرس تراثي بهيج، تشارك كل من الإمارات والسعودية والكويت والبحرين وقطر في هذا الموسم بأجنحة كبيرة وزاخرة بأشكال وأنواع المنتجات والخدمات التي تستهوي أذواق الضيوف من كافة الجنسيات. ونستعرض أدناه كل منها:
جناح الامارات
يجسد جناح الإمارات في القرية العالمية تطور حضارة شعب عريق يفخر بأمجاد ماضيه ويتنسم ملامح مستقبله المزدهر، وتتفرد واجهة الجناح بنمطها التقليدي الذي يستعرض أبرز رموز التراث الإماراتي، ويتجلى ذلك بوضوح في البراجيل والقلاع والحصون الأثرية التي تسودها ألوان الصحراء الرملية، كما تنتشر في الداخل نفحات الطيب والبخور وعطر العود المعتق الذي يعكس حسن الضيافة الإماراتية ويعبّر عن روح الأصالة البدوية.
ويعرض الجناح تشكيلة واسعة من المنتجات التراثية الأصيلة التي تشمل الصناعات الوطنية من الغترة والبشت الرجالي والعباءات وأغطية الرأس النسائية “الشيلات” والجلابيات المخورة والأقمشة الملونة، إلى جانب المنتجات ذات الطابع المحلي مثل العسل والتمور والدخون.
ويعد المتحف التراثي الإماراتي من أهم معالم الجناح، ويعكس الطابع المعماري الأثري الذي يبرز طريقة تشييد المنازل القديمة خلال الحقب الماضية، ويستعرض الطراز المحلي للجلسة العربية التي يطلق عليها “الديوانية”، التي تتألف من الوسائد المتعددة المصنوعة من الصوف والقطن، إضافة إلى تصاميم البيوت الإماراتية التراثية التي تشمل بيت الصفة المتواجد في الجبال كمسكن صيفي، ويتميز بطريقة بناءه المتمثلة بصف الحجر دون الاستعانة بأية مواد داخلية ويغطي سقفه شجر جبلي عازل يسمى “عسبق”، وبيت الشعر الذي يعد ملجأ الشاعر ويعكس مكانة صاحبه في المجتمع البدوي، والبخار وهو مخزن لحفظ الأمتعة في الدار ويستخدم لحاجات المعيشة والسكن في العصور القديمة، وبيت العريش المنزل الذي يقطنه أهل الساحل في الشتاء ويُصنع من جريد النخل الخالي من الخوص مع الدعائم الداخلية التي يطلق عليها “اليدوع”. كذلك يقدم المتحف ورش عمل تفاعلية للتعرف على صناعة القراقير وشباك الصيد على أيدي محترفي المهنة.
جناح قطر
يتألق جناح قطر خلال الموسم الحالي بروعة واجهته المستوحاة من مركز قطر الثقافي الإسلامي “فنار” الذي يعد منارة تقوم على التعريف
بالإسلام كمنهج حياة، وهو يأتي على على شكل هيكل لولبي شبيه بمئذنة سامراء المشهورة. وعند البوابة يستقبلك الصقّار حاملاً الشاهين على درع واقٍ يطلق عليه المنجلة، وهو عبارة عن قطعة قماش سميك محشوة من الداخل بالخيش ومكسوة من الخارج بالمخمل لحماية مخالب الطير، كما تتم تغطية عيني الصقر بقطعة جلدية يطلق عليها “البرقع” لجعله هادئاً ولتسيهل الإقتراب منه، ويجذب الصقّار في جناح قطر عدداً كبيراً من الضيوف الراغبين في معرفة المزيد عن رياضة الصيد بالصقور خاصة من الجنسيات الأجنبية.
ويمثل الجناح نافذة على التراث القطري العريق، حيث يمزج ما بين الأصالة والعادات القديمة دون إغفال الحداثة، ويأخذك إلى أجواء سوق واقف الذي يعد أشهر الأسواق القطرية، ويعرض تشكيلة واسعة من المنتجات القطرية الأصيلة من عطور ودخون وعود، إلى جانب الأزياء والعبايات والإكسسوارات والبراقع والغشاوات، علاوة على الحلويات القطرية المتنوعة.
وتعد العطور القطرية التي تتسم بقوة نفحاتها ووضوحها على رأس المنتجات في الجناح، ويقول أحمد خليل الزعبي المسؤول عن الموظفين في متجر “ذوق الهوامير” بأنّهم يشاركون في القرية العالمية منذ عشرة سنوات، وأشار إلى أنّ متاجرهم تتمتع بشعبية كبيرة في منطقة الخليج وتقدم عطور نخب أول من إنتاج قطري بإمتياز، كونها تأتي مركزّة وتحوي على 76% من الزيت الصافي، ووضّح بأن المتجر يقدم عروض ترويجية خاصة فقط بالقرية العالمية مثل تقديم عطرين هدية عند شراء أي من منتجاته.
وأشار إلى أن المبيعات ممتازة، وبأنّ أغلب الزبائن اللذين يتوافدون على المتجر من دول مجلس التعاون الخليجي بنسبة 70%، إلى جانب الجنسيات الأخرى خاصة روسيا، حيث يشدهم عطر بلاك ليكزس بنفحات الفانيلا، ولفت إلى أنّه من بين المنتجات التي تشهد إقبالاً كبيراً عطر مسك آل ثاني، ولين العود وهو من أنواع العود الخفيف، فيما يتميّز المتجر بأحد أفخر أنواع العطور وهو نوع من عطر العود يحمل الإسم “الشيخ عبدالله” المصنوع من العود الكمبودي ولا يترك بقعاً أو آثاراً على الملابس، ولافتا إلى أن منتجاته تصنع في مصنع بالوقرة في قطر.
كما يقدم الجناح مختلف أنواع العود ودهنه من مصادر متعددة مثل متجر “الأفنان للعود”، حيث يقول محمد عبدول البائع في المتجر بأنهم يقدمون أجود أنواع العود الكمبودي والهندي والماليزي، ويأتي العود اللاوسي على رأس المنتجات الأكثر مبيعاً، وأشار إلى أن معروضاته تشهد إقبالاً لافتاً وقد انعكس ذلك إيجاباً على المبيعات، ووضّح بأن المتجر يشارك في القرية العالمية منذ 9 مواسم متتالية.
وخلال تجوالك في الجناح تجذبك أصناف الحلويات الشهية المصنوعة في قطر، ويقول سانجاي باندارا البائع في متجر “دارين للحلويات” بأنّهم يقدمون عدّة أصناف من الحلوى إلى جانب القهوة المخلوطة بالهيل والزعفران والمسمار والتي تتميز بمذاقها الطيب، ويشهد كعك الطيبين إقبالاً كبيراً إلى جانب كعك التمر. كما وضّح بأنهم يحرصون على تقديم حصص ترويجية من الكعك والقهوة إلى رواد الجناح لتعريفهم بمنتجاتهم.
جناح البحرين
تتمتع واجهة جناح البحرين في القرية العالمية بتصميم فريد ذو مظهر مستوحى من بوابات قلعة البحرين الأثرية. وتتنوع المعروضات في الجناح ما بين الملبوسات والأقمشة والعطور والدخون والبخور والإكسسوارات، إلى جانب المأكولات والمخللات والآجار والبهارات.
وأبرز ما يميز الجناح الملبوسات البحرينية التي ترتديها المرأة في مناسباتها المختلفة. وتقول نورة الوزان صاحبة متجر “دانات الخليج” بأنّها تشارك في القرية العالمية منذ 15 عاماً، ويعرض متجرها الأزياء البحرينية الأصيلة التي تشمل ثوب النشل والكورار والنغدة والجز وأثواب الحنة والطاسة والبنجري المصنوعة من الحرير الطبيعي، إلى جانب الحلي التي ترتديها المرأة البحرينية في الأعراس والمناسبات والتي يطلق عليها المرتعشة والمرية وأساور البنجري.
ووضّحت بأن المرتعشة البحرينية تعد من أبرز حلي العنق التي ترتديها المرأة الخليجية، وهي قلادة تختلف في أحجامها فمنها ما يتدلى حتى موضع الحزام ومنها ما يلتف حول الرقبة، وقد تأتي على شكل سلاسل حرة الحركة أو سلاسل مشبكة لتظهر كقطعة واحدة. ولفتت إلى أنّ منتجاتها تشهد إقبالاً كبيراً كونها تقدم تصاميم مختلفة وغريبة، كما أثنت على ما شهدته القرية العالمية من تطور مذهل خلال هذا الموسم والفعاليات الضخمة ذات المستوى العالمي التي لم ترى مثلها في أي وجهة أخرى.
جناح السعودية
ويُعد جناح السعودية أحد أكبر وأقدم الأجنحة المشاركة في القرية العالمية منذ انطلاقتها، ويتفرد هذا الموسم بتصميم واجهته التي تستقي ملامحها من عمران حي البجيري بالدرعية التاريخية شمال مدينة الرياض الذي كان سكناً للشيخ محمد بن عبدالوهاب وأسرته إضافة إلى طلبة العلم. كما تتزين واجهة الجناح بالشعار المميز لعلم المملكة بنخلتيه الوارفتين باللون الأخضر الخلاب، ويتألق بالإضاءة المتميزة التي تنعكس على الواجهة مساءً مما يمنحها جاذبية إضافية، أما الديكورات الداخلية والمحلات، فإنها تعكس فخامة تتلاءم مع التصميم الخارجي.
ويحتضن الجناح متحف النبي محمد صلى الله عليه وسلم، الذي يُعّرف الضيوف بتفاصيل حياته بطرق مبتكرة وتعليمية فريدة. كما يعرض المشغولات اليدوية التقليدية المصنوعة من سعف النخيل مثل السلال و”المهجن” المستخدم كسفرة للطعام و”المجولة” لتقديم الوجبات الغذائية، و”الجونة” المستخدمة للتزيين وتوضع في مكان بارز في البيت لحفظ النقود والأشياء الثمينة.
وبين متاجر الجناح السعودي يجول الضيوف في رحلة مستلهمة من عبق وألوان المنتجات السعودية الأصيلة، المعروفة منذ زمن بعيد والتي تتنوع ما بين التمور والعسل والبخور والعطور ومشتقاتها، فضلاً عن العبايات والمطرزات، والملابس الرجالية من البشت والفروة والمشّلح الرجالي، علاوة على قطع الأثاث المصنوعة بإتقان في السعودية.
ويقول عبدالله عبده محمد مدير محل “السجاد العجمي والتحف القديمة” بأن متجره يوفر تشكيلة واسعة من اللوحات وقطع الأثاث والجلسات السعودية والطاولات، ووضّح بأنّه يقوم بتفصيل المجالس على حسب الطلب بعد اختيار الضيوف للتصاميم التي يرغبون بها، ثم يقوم بإرسالها إلى ورش النجارة في المملكة لتشكيلها ويتم تسليمها بعد انتهاء الموسم. وأثنى عبدالله على المبيعات وأشاد بالمنظومة المتميزة التي تقدمها القرية العالمية، ووضّح بأن هذه تعد أول مشاركة له في القرية العالمية، وقد وجدها مثمرة للغاية حيث عادت عليه بالأرباح المجزية خلال هذا الموسم.
جناح الكويت
يتجلى التمازج الفريد بين التراث والحضارة في التصميم البديع لواجهة جناح الكويت التي تبرز العلاقة الوطيدة ما بين أهل الكويت والبحر، والتي تبرز عبر انعكاسات اللون الأزرق المضيء الذي يكتسيها بالكامل، ويأتي المدخل على شكل أبراج الكويت التي تعد من أبرز معالم الدولة ومن رموز نهضتها المعاصرة، ويحتضن بين جنباته المتحف الذي ينقل الضيوف في رحلة ما بين الماضي والحاضر، عبر استعراض أبرز المباني والأبراج في الكويت على الجدران، كما يقبع في وسط الجناح مجسم سفينة البوم التراثية والخيمة البدوية وقربة خض اللبن التي كانت تُستخدم قديماً في تحضير الجبن والسمن من حليب أبقار الماعز.
وعند التجوال عبر أروقة الجناح تستشعر أجواء سوق المباركية العريق، ويقدم منتجات متنوعة تطغى عليها الأزياء الفاخرة والعباءات الفخمة والجلابيات والإكسسوارات، بالإضافة تشكيلة العطور الزيتية الأصيلة والبخور والدخون والعود الأصلي والحلويات المتنوعة.
وتقدم كافة أجنحة دول الخليج عدداً من العروض الثقافية المتميزة التي تحييها الفرق الغنائية والفلكلورية يومياً على المسرح الثقافي في الهواء الطلق، لإبراز ما تتمتع به بلدانها من تراث وثقافة عريقة.
وتحتضن القرية العالمية في موسمها الحادي والعشرين إلى جانب أجنحة دول الخليج ثقافات أكثر من 75 دولة متمثلة في 30 جناح، كما تقدم تجارب تسوق فريدة وأنشطة ثقافية وفعاليات ترفيهية متجددة كل يوم حتى 8 أبريل 2017.
تفتتح القرية العالمية أبوابها يومياً من الساعة 4 عصراً حتى منتصف الليل من السبت إلى الأربعاء ومن الساعة 4 عصراً حتى 1 بعد منتصف الليل في أيام الخميس والجمعة والعطل الرسمية. وتخصص القرية العالمية أيام الإثنين لدخول العائلات والسيدات فقط.