الكندورة الإماراتية

أجدادنا لم يعرفوا خياطة الكمبيوتر، وطباعة الأشكال المرغوبة على الملابس بالحبر، إلا أن الأزياء الشعبية الإماراتية استفادت من الواقع المعاصر جل استفادة؛ فخرجت إلى آفاق أرحب وأوسع عبر المهرجانات السنوية التي تقام بالدولة، وتبث تلفزيونيا لكل أنحاء العالم لتعكس وجهاً حضارياً، وتلقى إعجاب وتقدير كل من يشاهدها. الإماراتي يشعر بشيء من الفخر والاعتزاز لأن ملابسه تلقى كل هذا الاهتمام الجماهيري والإعلامي مما يدفعه بلا شك إلى المزيد من التمسك بهذا الموروث الشعبي، وتتميز الأزياء الشعبية بأصالة نادرة إضافة إلى التلقائية والبساطة والوضوح التي تحدد معالمها؛ فلم تستطع الثقافة العصرية طمسها. وهناك دوما جهود مبذولة تعمل على مسح الغبار الذي قد يلقيه الزمن فوق موروثاتنا، لتبقى دوما حاضرة؛ فتتحدث أصالتنا العربية.

ويستثنى من ذلك استحداث بعض التعديلات والإضافات التي طرأت على الزي الشعبي لدى الشباب، وزي الرجال في الدولة يتوافق مع العادات والتقاليد الإسلامية فيتميز بالبساطة والوقار ويخلو من التطريز الذي يعتبر نوعا من الزينة الخاصة بالنساء ويكاد يكون موحداً إلا من فوارق بسيطة.

الكندورة العربية

وكان الإماراتي يرتدي الكندورة العربية أم فروخة المصنوعة من قماش اللاس أو الشربت في فصل الصيف في حين تصنع الفروخة من الزري. والرجل يضع على رأسه الغترة البيضاء الدسمال وتستورد من السواحل خصوصا من اليمن.

أما الغترة البصراوية فتتميز باللون الأحمر والأبيض والشال فيكون عادة مصنوعا من الصوف، ويضع الرجل فوق الغترة العقال الأسود وتحتها القحفية “الطاقية”، وهي تساعد على تثبيت الغترة والعقال على الرأس، وفي بعض المناطق يلف الرجال الغترة على رؤوسهم من دون عقال وتسمى العصامة.

الكندورة الإماراتية

إن التمسك بالثوب الرجالي الخليجي، لم يعد قضية ارتداء ما يعزز ثقة الرجل بنفسه فقط، أو ما يميزه رجلا، بل أصبحت رغبة في التمسك بما بقي من عادات تقليدية قديمة اندثر أغلبها. إن ما يسمى بتطوير الثوب الرجالي، أمر لا يمكن أن يقبله الرجال، وإن ظهر نوع من الميل من بعض الفئات إلى هذا النوع من الملابس، فإن ذلك لا يمكن أن يستمر، خصوصا ان غالبية الرجال يستهجنونه ويرفضون ارتداءه، مشيرا إلى أنه وعلى مدى السنوات الماضية ظهر الكثير من الصرعات والموديلات التي سرعان ما تعرضت للزوال والاندثار أمام الرفض وعدم الاهتمام الذي لاقته.

كثيرا ما نرى اليوم شبابا يلبسون الملابس الدخيلة علينا في مجتمعاتنا، ومنها المخصرة والمطرزة ومنها ما عليها رسومات وشعارات. وهذا ليس بمستغرب، لأننا نرى الكثير من الفتيات ترتدين اغرب العباءات بكل أشكالها وألوانها فما بالك بالشاب الذي يمتلك حرية أكبر من الفتاة.

أن لبس الكندورة التقليدية إبراز للهوية الوطنية والموروث الإماراتي، ولكن للأسف كثير من الشباب في فترة المراهقة من المستحيل أن يلبس الكندوره لأنها تقليديه فهو في هذه السن يتجه إلى البذلات و»الإستايل«، ومن المستحيل أيضا أن ترى شخصا عمره فوق ال52 عاما، ولا يلبس الكندورة.

أن الكندورة العربية الإماراتية هي الأكثر مبيعا، وإقبالاً من قبل الشباب في الإمارات، وتمتاز بالقماش الخشن والتفصيل الواسع ذي الأكمام الكبيرة مع وجود الطربوشة التي تضفي عليها الأناقة.

أما الكندورة الكويتية فتحتل المرتبة الثانية في الإقبال ويفضلها الجميع، خصوصا كبار السن لأن قماشها خفيف يتناسب مع أعمارهم، وتمتاز بأنها واسعة قليلاً، وتختلف أكمامها حسب الطلب الواسع والضيق، وهي أكثر الأنواع شيوعاً في فصل الصيف. وعادة ما يتم تفصيل الكندورة العربية بالجملة وبمقاسات ثابتة في المصانع، والتي بدورها تحرص على بيعها على محال التجزئة، ويتم استيراد الخامات من اندونيسيا والهند وباكستان.

بقلم سام تاج الدين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى