
الكاتب : خالد سرحان
لقد حفر رئيس المرحلة الانتقالية المؤقتة في سوريا أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني) من حيث يدري أو لا يدري قبره بيده كما حفره من قبله العقيد أديب الشيشكلي وكان على وشك أن يحفره الجنرال الفرنسي هنري غورو؛ حين أخطأ خطأه الفادح ولم يعرف من هم أهالي السويداء والمواطنين السوريين من الموحدين الدروز الذين لا يمكن لأقوى ترسانة عسكرية في الكرة الأرضية أن تنجح في تطويعهم أو إخضاعهم بالحديد والنار؛
وأن بشار الأسد بكل إجرامه ودمويته لم يتجرأ لا هو ولا صبيانه أمثال وفيق ناصر ومنصور فضل الله عزام ولونا الشبل على التفكير بحلاقة الشوارب والدعس فوق عمائم شيوخ العقل واستباحة مدينة كالسويداء كأنها غنيمة حرب لأنهم يعرفون تماماً أن وراء الأكمة ما وراءها.
كان بأمكان الرئيس أحمد الشرع وحكومته في قصر الشعب بدمشق أن ينالوا باللين ما لن ينالوه بالشدة والحزم وجيش لبت لبت هاهاها وعوي ولاك الغير قادر على أن يفرق بين السويداء بلا أمية أي بلا جهل والسويداء بلا أمية أي الأمويين؛
ودون الحاجة لأن يزج بشباب صغار بأعمار الورد بعضهم ليس لديه أي خبرات في الحرب والقتال ليموتوا في جيشه وأمنه العام ومن ثم يخرج إعلامييه وناشطيه أمثال هادي العبد الله وجميل الحسن ومحمد الفيصل ليشتموا الشيخ حكمت الهجري ويصفونه بالخائن والعميل الإسرائيلي وهم يعرفون تماما أن رئيسهم وضع يده بيد الإسرائيليين في أذربيجان وسوف يضعها بيد كبيرهم نتنياهو بأقرب فرصة ممكنة؛
أن يروج الإعلام السوري الذي لم يتوانى عن التضليل والبروبغندا الكاذبة من قبل ومن بعد سواء لنظام الأسد المخلوع أو لحكومة الشرع ويطرح سردية (تحالف الأقليات) السخيفة الساذجة ويتبناها ويسوق لها إنما يعلن بشكل أو بآخر حرباً طائفية قذرة رأس حربتها (وضحاياها ووقودها بنفس الوقت) هم المواطنين السوريين من العرب المسلمين السنة (السلفيين الجهاديين منهم تحديداً) في مواجهة جميع مكونات وأطياف النسيج الاجتماعي السوري؛
ومن حيث يعلمون أو لا يعلمون سيدفع هذا الاستكلاب والسعار الطائفي سوريا دفعاً نحو الجحيم والهاوية كي تكون ليبيا ما بعد العقيد القذافي والعراق بفترة الصحوات بعد الغزو الأمريكي وسقوط صدام حسين؛
فتكون سوريا بذلك دولة رخوة ضعيفة فاشلة لا صوت يعلو فيها على صوت الميليشيات والعصابات والفصائل المسلحة وبعيدة كل البعد عن عقلية ومفهوم الدولة الوطنية الجامعة التي تحتضن وتحتوي شعبها وتتعامل معهم كمواطنين متساويين في الحقوق والواجبات بالقانون والدستور وليس كقوميات وأديان وطوائف وعشائر؛ تحظى فيها فئة صغيرة قليلة جداً منهم تحتوي في الغالب على مرتزقة أجانب من غير السوريين على نفوذ وامتيازات وسلطة تجعلهم مواطنين VIP من الدرجة الأولى وكل ما عداهم من الشعب السوري مواطنين من الدرجة العاشرة أو العشرين في أحسن الأحوال.
يؤسفني أن أقول يوماً بعد يوم وأمام كل اختبار وتحدي جديد يهدد وحدة الأراضي السورية بالصميم أني كنت على صواب حين قلت منذ بضع سنوات مضت أن المجتمع السوري، ليس مجتمع علماني مدني، ولا ديمقراطي ولا إسلامي حتى بل مجتمع قبلي قرشي عصبوي طبقي أبوي ذكوري بدائي محافظ، بقيمه وأعرافه وعاداته وتقاليده ونظامه السياسي وقوانينه؛
وأن هذا التصنيف برأيي الشخصي ينطبق على شريحة لا يستهان بها من التركيبة الديمغرافية السكانية الحالية للشعب السوري؛ وأن العقل الجمعي السوري (بمعظمه) ما زال يعيش بعقلية القرن السادس الميلادي، بينما لم يعش الا بجسده ولباسه وشكله الخارجي في عام 2025 وما زال الطريق محفوف بالمخاطر والتحديات لبناء الدولة الوطنية السورية المدنية الديمقراطية الحديثة.



