رقمنة سوق السفر لاستيعاب ارتفاع أعداد المسافرين
سام تاج الدين
التكنولوجيا والابتكار عناصر أساسية لاستيعاب أعداد الركاب المتزايدة في الشرق الأوسط وعلى المستوى الدولي
استراتيجيات الرقمنة المعتمدة على البيانات إلى جانب التعاون مع الشركات الناشئة أمرًا أساسيًا لمستقبل الطيران الذي يركز على الابتكار
مع توقع وصول أعداد المسافرين في الشرق الأوسط إلى 429 مليون مسافر عام 2024، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 5.4% عن أرقام 2019، يدور النقاش حول كيفية تغير السوق، وتبين التوقعات لمستقبل السفر الجوي، حيث تظهر الأبحاث التي أجراها اتحاد النقل الجوي الدولي أن حركة الركاب الدولية زادت بنسبة 20٪ في شهر مارس 2024 مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي، حيث بات عاملاً محرك لتمكين الصناعة من استيعاب هذا النمو الكبير في الحركة الجوية، حيث أنه بدون الابتكار، سيكون المستقبل صعباً للغاية، حيث لا يمكننا الاستمرار في بناء بنية تحتية أكبر بمستوى الركاب المتوقع، لذا يتعين علينا أن ننظر إلى كيفية إدارة الموارد الحالية والركاب والبضائع بشكل مختلف من خلال الحلول الرقمية والابتكار.
على أرض الواقع، هناك عدد من الابتكارات التي تعمل عليها الصناعة، ليس فقط لجعل الطيران أكثر استدامة، ولكن لاستخدام البنية التحتية بشكل أكثر كفاءة. أحد هذه الحلول هو One ID، التي تقوم برقمنة الرموز المميزة للركاب، مما يسهل تدفق الركاب بسلاسة، فالطريقة التي نستخدم بها البنية التحتية التقليدية للمطارات سوف تتغير بشكل كبير في المستقبل المنظور.
إياتا One ID هي مبادرة هوية رقمية تهدف إلى تبسيط وتعزيز سفر الركاب، يقوم هذا النظام الرائد بدمج مجموعة متنوعة من وثائق السفر، مثل جوازات السفر والتذاكر وبطاقات الصعود إلى الطائرة، في رمز رقمي واحد، مما يلغي الحاجة إلى مستندات مادية متعددة، حيث تعمل مبادرة إياتا One ID على تعزيز الأمان وتبسيط عمليات تسجيل الوصول وتسهيل السفر عبر المطارات من خلال توفير حل موحد وفعال لإدارة الهوية وإضفاء طابع رقمي على تجربة المسافرين في المطارات من خلال العمليات التي تعتمد على القياسات البيومترية اللاتلامسية.
إن مشاركة البيانات هي المفتاح لزيادة الكفاءة في مجال الطيران ومساعدة الصناعة على استيعاب الطلب المتزايد، حيث أن ما يمكن قياسه يمكن تحسينه، ومشاركة المزيد من البيانات عبر الحدود، سيوفر رؤية ونتائج عظيمة ستنعكس على قطاع السفر، في حين كان اتخاذ القرار يستغرق ساعات، فإن تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي التوليدي تمكننا من اتخاذ القرارات في ثوانٍ معدودة.
وسيتم إطلاق طيران الرياض، الناقل الوطني السعودي الجديد، في عام 2025 وستكون أول شركة طيران محلية رقميًا، حيث ازداد بشكل كبير تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية في السنوات القليلة الماضية، وبالتالي ارتفعت توقعات العملاء، لذلك باتت هناك فرص فريدة لتقديم تجربة مميزة للضيوف مدعومة بالتكنولوجيا لم يسبق لها مثيل من قبل.
فمثلاً طيران الرياض ستوفر منصة قوية للشركات الناشئة للتعاون مع شركة الطيران، مما يوفر المزيد من الفرص للابتكار، حيث تعتبر “أفييشن إكس لاب”، وهي جزء من مجموعة الإمارات، حاضنة متخصصة في مجال الطيران مقرها في دولة الإمارات العربية المتحدة والتي لها بالفعل تأثير كبير في هذا المجال.
يجمع أفييشن إكس لاب بين نخبة من أبرز قادة الصناعة والشركات الناشئة والخبراء للتعاون في حل التحديات الرئيسية وتحفيز الابتكار في قطاع الطيران من خلال التركيز على الاستدامة والسلامة وتجربة الركاب والكفاءة التشغيلية، حيث تهدف أفييشن إكس لاب إلى تحويل مستقبل السفر الجوي من خلال التقنيات المتطورة والشراكات التعاونية، فعند النظر لتجربة السفر، فإنها تكون بشكل كلي، وتحدد نقاط الاتصال المختلفة حيث يمكن للتكنولوجيا والابتكار تحقيق التطور والتقدم المنشود لتسهيل هذه العملية، فلا يمكننا التحدث عن المستقبل دون التركيز على الاستدامة، حيث لم يعد الأمر يتعلق بأن نكون الأسرع والأكبر بعد الآن، بل بات يتعلق الأمر بشركات الطيران التي ستعمل بطريقة مستدامة.
بات مفهوم الرقمنة في قطاع السياحة والسفر من أهم العوامل التي ستؤدي لتطور كبير في هذا القطاع وتوفير الكثير من الهدر في المال والوقت ورفع المستوى الأمني، ويمتد لإثراء تجربة السفر لتجاوز الحدود الجغرافية والزمنية وتقديم تجربة افتراضية للمسافر لينخرط عبرها في تجربة متفردة تساعده على فهم واختيار وجهة سفره بسهولة.
فهل التحــول الرقمــي فــي قطــاع الســياحة والسفر وعمليــة تبنــي التقنيــات الرقميــة سيؤدي لتحســين تجربــة الســفر والســياحة أم سيكون عامل لانتهاك الخصوصية الشخصية وصعوبة بتتبع هذه التقنيات؟