
روتردام : نور الحمدان
هزّت محاكمة زوجين هولنديين الرأي العام في البلاد، بعد أن كشفت تفاصيل صادمة عن إساءة معاملة أطفال كانوا تحت رعايتهما في مدينة فلااردينخن، من بينهم فتاة عُرفت إعلاميًا باسم “الفتاة من فلااردينخن”.
في جلسة عقدتها محكمة روتردام، مثل الزوجان ديزي و. وجون فان دن ب. (كلاهما في الثامنة والثلاثين من العمر) أمام القاضي بتهم تتعلق بالاعتداء الجسدي والنفسي على أطفال في رعايتهما، في واحدة من أبشع قضايا العنف الأسري التي تشهدها هولندا مؤخرًا.
خلال الجلسة، حاول الزوجان تبرير أفعالهما. وقال جون إن ما عُرض في وسائل الإعلام يمثل «صورة أحادية الجانب»، مدعيًا أنه كان يحاول «حماية الطفلة من نفسها» لأنها – بحسب زعمه – كانت تميل لإيذاء ذاتها.
إلا أن القاضي واجهه بمقاطع مصوّرة من كاميرات المراقبة داخل المنزل، أظهرت الطفلة مقيدة بالسلاسل أو محبوسة عارية داخل قفص صغير، وأحيانًا مع شريط لاصق على فمها. ورد القاضي بحدة قائلاً:
«هذا إجراء دراكوني… كيف يمكن أن يصبح هذا طبيعيًا؟».
الفتاة، التي كانت تبلغ من العمر عشر سنوات آنذاك، روت في مذكراتها ما عاشته من عذاب، وكتبت:
«لم يعجبني أنني كنت مقيدة بالسلسلة. كان الأمر مؤلمًا جدًا ومتعبًا. أعتذر لأنني تصرفت بسوء.»
التحقيقات بينت أنها أُجبرت على الوقوف لساعات أو الرقص أمام الكاميرا، بينما تبادل الزوجان رسائل ساخرة عنها، أطلقا فيها عليها أوصافًا مهينة.
وأشارت الشرطة إلى أن القفص الذي احتُجزت فيه الطفلة ربما كان موصولًا بالكهرباء في بعض الأحيان، ما جعلها تعيش حالة رعب دائم.
كشفت التحقيقات أن الزوجين كانا يعتنيان أيضًا بأطفال آخرين، بينهم أخت الفتاة وأخوان آخران.
وجاء في تقارير الشرطة أن الأخت الصغرى أُجبرت على الوقوف داخل دلو من البول والبراز كعقاب، فيما أُجبر الأخوان على النوم في قفص للكلاب وأكل لحم الخنزير رغم أنهما مسلمان.
الزوجان أنكرا معظم هذه الاتهامات، معتبرين أن الحديث عن “قفص الكلاب” كان “مزحة من موظف الرعاية”.
قالت المتهمة ديزي إنها تعاني اضطرابًا نفسيًا وإنها كانت «تخاف من زوجها»، الذي كان – بحسب قولها – يضربها إن حاولت الاعتراض.
أما جون، فبكى أثناء الجلسة قائلاً:
«لقد فقدت الإحساس بالواقع… لم أتخيل أبدًا أنني قادر على هذا، لكنني لم أضربها قط.»
القاضي ردّ بأن الأدلة المصوّرة والوثائق لا تترك مجالًا للتبرير بالخوف أو الضغط النفسي.
لم تكشف النيابة العامة أو وسائل الإعلام الهولندية أي تفاصيل عن جنسية الأطفال المعنيين، حفاظًا على خصوصيتهم وسرّية القُصّر، رغم أن تقارير غير رسمية أشارت إلى أن بعضهم قد يكون من أصول مهاجرة.
من المقرر أن تتواصل المحاكمة خلال الأسابيع المقبلة، حيث سيقدّم الخبراء النفسيون تقييماتهم لحالة المتهمين العقلية وما إذا كانا يتحملان المسؤولية الجزائية الكاملة.
كما يُتوقع أن تصدر المحكمة توصيات بشأن الرعاية الصحية والنفسية للأطفال المتضررين، إلى جانب العقوبات القانونية المحتملة على الزوجين.



