تبنّى مجلس الأمن الدولي، مساء الجمعة، مشروع القرار الأمريكي الداعم للمقترح المغربي بشأن منح الصحراء الغربية حكماً ذاتياً تحت سيادة المملكة، معتبراً أنه “الحل الأكثر واقعية” لإنهاء النزاع المستمر منذ نحو خمسة عقود.
وجاء القرار بعد تصويت 11 دولة لصالح المشروع من دون اعتراض، فيما امتنعت ثلاث دول عن التصويت، بينما امتنعت الجزائر عن المشاركة في الجلسة. وأكد النص أن المبادرة المغربية، التي قُدمت عام 2007، تمثل “أساساً واقعياً” يمكن الانطلاق منه لاستئناف المفاوضات بين الأطراف المعنية.
ودعا القرار الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ومبعوثه الخاص ستافان دي ميستورا إلى مواصلة جهود الوساطة “استناداً إلى الخطة المغربية”، مع تمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة في الصحراء الغربية (مينورسو) لمدة عام إضافي، بدلاً من ستة أشهر كما كانت تقترح النسخة السابقة من المشروع.
وفي أول تعليق رسمي، وصف العاهل المغربي الملك محمد السادس قرار مجلس الأمن بأنه “تحوّل تاريخي” في مسار القضية، مؤكداً أن بلاده تدخل “مرحلة جديدة لترسيخ مغربية الصحراء وطيّ نهائي للنزاع المفتعل، في إطار حل توافقي على أساس مبادرة الحكم الذاتي”.
من جانبها، جدّدت جبهة البوليساريو موقفها الرافض للخطة المغربية من دون تنظيم استفتاء لتقرير المصير. وقال مسؤول الشؤون الخارجية في الجبهة محمد يسلم بيسط إن قبولهم بالمقترح مشروط بـ”تصويت الشعب الصحراوي عليه”، فيما ترفض الجزائر هذا الطرح وتعتبره “انتقاصاً من حق تقرير المصير”.
وتبقى الصحراء الغربية، المستعمرة الإسبانية السابقة حتى عام 1975، الإقليم الإفريقي الوحيد الذي لم يُحسم وضعه القانوني بعد الاستعمار، وتدرجه الأمم المتحدة ضمن “الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي”.
وكانت واشنطن قد اعترفت رسمياً بسيادة المغرب على الإقليم عام 2020 خلال إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب، في مقابل تطبيع العلاقات بين الرباط وتل أبيب، ما فتح الباب أمام دعم متزايد من دول أوروبية، أبرزها فرنسا وإسبانيا وألمانيا، للمقترح المغربي.
وخلال جلسة مغلقة لمجلس الأمن مطلع أكتوبر الماضي، أشاد المبعوث الأممي ستافان دي ميستورا بالجهود الأمريكية الرامية إلى تحريك الملف، لكنه أبدى تحفظات بشأن ما وصفه بـ”غموض بعض جوانب المقترح المغربي”، داعياً الرباط إلى توضيح رؤيتها لمبدأ تقرير المصير ضمن إطار الحكم الذاتي.
ويُعدّ إقرار هذا القرار الجديد مؤشراً على تحول في الموقف الدولي تجاه النزاع، في وقت تشهد فيه العلاقات بين الجزائر وفرنسا توتراً متزايداً منذ صيف 2024، على خلفية اعتراف باريس العلني بخطة الرباط للحكم الذاتي.
وتبقى الصحراء الغربية، الغنية بالفوسفات وذات الشواطئ الغنية بالثروة السمكية، محور نزاع جيوسياسي معقد، لم تفلح جهود الأمم المتحدة منذ عقود في التوصل إلى تسوية نهائية بشأنه.
