من حدود رفح .. مصر تناشد ضمير العالم لوقف تجويع المدنيين بغزة .. والعريش تتحول لمدينة إنعاش تضخ للأشقاء إكسير الحياة

القاهرة : داليا عطية

من الحدود المصرية و تحديداً من المتر الأخير الذي يفصل جمهورية مصر العربية عن فلسطين المحتلة ، تنقل( NL NEWS بالعربية)، تطورات الوضع في هذه المنطقة، وأحدث الجهود المصرية في الدعم الإنساني الذي توفره مؤسسات المجتمع المدني للفلسطينيين بقطاع غزة، ذلك القطاع الذي تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي تجويعه، بلا رحمة، ولا إنسانية، ضاربة بالقانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني، ومواثيق، واتفاقيات الأمم المتحدة عارض الحائط .

هنا في معبر رفح البري، تقف مئات الشاحنات، مُحمَّلة بآلاف الأطنان من المساعدات الإغاثية، تنتظر الدخول إلى قطاع غزة؛ لإنقاذ أرواح المدنيين الذين حوّلتهم ألة الحرب الإسرائيلية من أرواحٍ مُقدّسة كرّمها الله سبحانه وتعالى، واختص نفسه فقط بتحديد موعد صعودها إلى سماواته، إلى هياكل عظمية، بسبب التجويع المُتعمَّد؛ ليتجرعوا الموت وهم على قيد الحياة !

ملحمة إغاثية بدأتها مصر منذ بداية الحرب الأخيرة على غزة في ٢٠٢٣ وعلى مدار أكثر من ٦٠٠ يومًا متواصلة، قدمت خلالها ما يقارب ٣٦ ألف شاحنة، حملت في بطونها ما يقرب من نصف مليون طن من المساعدات الإغاثية، والتي تنوعت بين سلع غذائية، وأدوية، وإسعافات صحية .

لم يكن الضغط الاقتصادي الذي شكّلته هذه الإغاثات على ميزانية الدولة المصرية عائقًا رغم قسوته على حياة المصريين اقتصاديًا، إذ تؤمن مصر منذ أول شرارة حرب ضد الفلسطينيين بأن الأشقاء أصحاب حق أصيل في الدفاع عن أرضهم، ووطنهم، وليس من حق الغير احتلال هذا الوطن، أو تهجير سكانه قسرًا، ومن هذا المنطلق، والإيمان بالحقوق، تقف مصر مدافعة عن حق الشعب الفلسطيني في أرضه، وحقه في الدفاع عن مسقط رأسه، ورأس أجداده .

رغم ما تكبَّدته مصر، ولا تزال تتكبّده من خسائر، بل وضرائب اقتصادية، ثمنًا لموقفها الثابت تجاه القضية الفلسطينية، إلا أنها دائما ما تتحمل، وتُؤثِر على نفسها، وعلى شعبها؛ من أجل إمداد المدنيين في غزة بمقومات الحياة، التي اغتالتها قوات الاحتلال الإسرائيلي، حيث استهداف خطوط المياه العذب، والمخابز، ومراكز الغذاء، فضلا عن قصف المنازل، والمدارس، وحتى المستشفيات، لينال أيضًا المرضى الذين لا حول لهم ولا قوة، من قسوة هذه الحرب الوحشية .

وعلى الرغم من ذلك تقول أمال إمام المدير التنفيذي لجمعية الهلال الأحمر المصري، في حديثها لـ ( NL NEWS بالعربية ) من أمام معبر رفح البري، إن ما تكبّدته مصر من ضغوط اقتصادية، وغذائية، حيث توفير آلاف الأطنان من الدعم الغذائي، والطبي؛ لإغاثة المدنيين في غزة، كان بالنسبة لنا تحديًا كبيرا، ولكن بعد تجاوز هذا التحدي، وتوفير مقومات الحياة للمدنيين بغزة، فوجئنا بالكارثة .

تتابع أمال إمام حديثها فتقول : كانت الكارثة في استهداف قوات الاحتلال الإسرائيلي لهذا الدعم الإنساني الذي تكبدناه كمصريين من حصتنا الوطنية في الخدمات التي توفرها الدولة لمواطنيها، بل استهدفت قوات الاحتلال أيضا الفريق الطبي الذي يعمل على إسعاف الجرحى والمصابين .

وتوضح المدير التنفيذي لجمعية الهلال الأحمر المصري أن كل جرائم الاحتلال في حق المدنيين من أهل غزة، وحق من يُقدم لهم الإغاثة الغذائية، أو الطبية، لم تنل أبدًا من جهود مصر غير المنقطعة، وموقفها الثابت، والراسخ، في الدفاع عن القضية الفلسطينية، وتقديم كل أنواع الدعم الإنساني للمدنيين في غزة .

وتؤكد مسئولة الهلال الأحمر المصري أن مصر أطلقت اليوم القافلة رقم ١١ عبر معبر رفح البري، والتي جاءت بالتنسيق مع التحالف الوطني للعمل الأهلي والتنموي، آمله أن تصل ما تحمله القافلة من مساعدات إغاثية، إلى أيدي الأشقاء في قطاع غزة .

وأشادت المسئولة عن جمعية الهلال الأحمر المصري بدور الحكومة، والجهات الأمنية، في تيسير حركة الشاحنات على الأرض، بما سمح بدخول المئات منها إلى معبر رفح؛ لتتحول مدينة العريش بمحافظة شمال سيناء، إلى مدينة إنسانية، تعمل على ضخ إكسير الحياة لقطاع غزة المنكوب .

على قلب رجل واحد تعمل مؤسسات المجتمع المدني المصري؛ لتوفير أكبر قدر ممكن من الدعم الإنساني للمدنيين في غزة، واحتشدت اليوم هذه المؤسسات مع مئات المتطوعين من الشباب بمختلف الأعمار؛ للتأكيد على رسالة :” لا للتهجير القسري لسكان غزة ” وهي الرسالة التي أكدتها القيادة السياسية المصرية في كل المحافل، والمناسبات الدولية، قائلة :” مصر لن تشارك أبدا في هذا الظلم التاريخي ” وعلى إثر ذلك خرج ملايين المصريون من مختلف محافظات الجمهورية؛ للتظاهر ضد التهجير القسري للشعب الفلسطيني من أرضه، تأكيدًا على موقف قيادته السياسية.

على سبيل المثال وليس الحصر، قدمت مؤسسة مصر الخير التابعة لمؤسسات المجتمع المدني المصري، أكثر من ٣٠٠٠ قافلة مساعدات إنسانية لقطاع غزة، تنوعت بين مواد غذائية، وإغاثات طبية، بحسب الدكتور محمد رفاعي الرئيس التنفيذي لمؤسسة مصر الخير .

وقدمت مؤسسة الباقيات الصالحات، أكثر من ٢٠٠٠ قافلة مساعدات، بحسب الدكتورة مروة ياسين رئيس مجلس إدارة المؤسسة، و التي أكدت على أن مؤسسات المجتمع المدني المصري لا تقدم دعمًا إنسانيًا للمدنيين في غزة، بقدر ما تقدم ضميرها الحي، وعمقها الأخلاقي، والتزامها الإنساني بحقوق الأمة، مُناشِدة في ذلك ضمير المجتمع الدولي أيضا، والتزامه الأخلاقي والإنساني .

وقدمت مؤسسة حياة كريمة ٦٦٠ شاحنة مساعدات إنسانية، بالإضافة إلى إطلاق حملات تبرع بالدم، وحملات توعية بالقضية الفلسطينية، وبالجهود المصرية المبذولة في التصدي لمحاولات التهجير القسري للفلسطينيين، بحسب حديث يوستينا ثروت عضو مجلس أمناء مؤسسة حياة كريمة .

وقدمت مؤسسة صناع الحياة أكثر من ٢٦٠ شاحنة إغاثة، حملت أكثر من ٦٠٠٠ طن من المساعدات الغذائية، والطبية، والإنسانية لأهالي غزة، بحسب المهندس حامد ابراهيم نائب الرئيس التنفيذي لمؤسسة صناع الحياة .

وخلال مؤتمرًا صحفيًا عقدته محافظة شمال سيناء، بمعبر رفح البري، قال اللواء خالد مجاور محافظ شمال سيناء، إن لمصر حاقدين، وكائدين، يعملون ليل نهار على تشويه دورها الإنساني تجاه القضية الفلسطينية، وتشويه جهودها غير المنقطعة في دعم وإغاثة الأشقاء الفلسطينيين، وأن ما يشهده معبر رفح الآن، وعلى مدار عامين ماضيين من ملحمة إغاثية، وإنسانية، تتمثل في آلاف الشاحنات المِحمّلة بكل أنواع الدعم الذي يوفر مقومات الحياة لأهالي غزة، هو أفضل رد على هؤلاء .

وأكد اللواء خالد مجاور أن نسبة مصر في المساعدات الإنسانية التي دخلت قطاع غزة منذ بداية الحرب عليها قبل عامين تجاوزت ٨٠٪؜ متسائلًا:” أين دول العالم من المساعدات الإنسانية وإغاثة المدنيين في قطاع غزة “

وقال محافظ شمال سيناء إن مصر تحتضن نحو ١٠ مليون و ٧٠٠ ألف وافدًا من دول أخرى، ينعمون بخدمات الدولة المصرية، شأنهم شأن المواطنين المصريين ، وبالتالي فإن استقبال أهل غزة وعددهم ٢ مليون مواطن، لن يؤثر على عدد الوافدين الذين تستقبلهم مصر بالفعل، لكن مصر ترفض تهجير الأشقاء من أرضهم، ووطنهم، لأن هذا بعني إذابة القضية الفلسطينية .

وأكد اللواء خالد مجاور مبادئ مصر التي لن تحيد عنها، وهي الوصول إلى حل الدولتين، طبقًا لقرارات مجلس الأمن، والعودة لحدود عام ١٩٦٧م، وإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية.

وقال محافظ شمال سيناء إن مصر فَطنت لنيّة التهجير القسري للفلسطينيين، وأعلنت منذ اليوم الأول عن رفضها لهذا السيناريو الخبيث، وأكدت أنها لن تشارك في هذا الظلم التاريخي، والذي يعد أيضًا مساسًا بالأمن القومي المصري .

ودعا اللواء خالد مجاور، المجتمع الدولي، من خلال ممثلي وسائل الإعلام الأجنبي، لمناشدة ضمير العالم الإنساني في إغاثة ملايين المدنيين الذين تحوَّلوا إلى جثث هامدة تتجرع الموت في قطاع غزة وهي لا تزال على قيد الحياة، بسبب حرب التجويع التي تواصلها ألة الحرب الإسرائيلية لأكثر من عامين، و حتى كتابة هذه السطور !

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى