لندن – محمد رائد كعكة
شهدت المطارات البريطانية حالة من الفوضى العارمة بعد تعرض نظام مراقبة الحركة الجوية لعطل فني خطير، تسبب في شلل شبه تام بحركة الطيران داخل المجال الجوي للمملكة المتحدة. وتوقفت الرحلات القادمة عن الهبوط، ما اضطر الطائرات إلى التحليق لساعات فوق الأجواء البريطانية، بينما أُلغيت عشرات الرحلات، وأُعيد توجيه العديد منها إلى مطارات أوروبية بديلة.
العطل، الذي بدأ حوالي الساعة الرابعة مساءً بالتوقيت المحلي في محطة رادار بمركز المراقبة الجوية في ساوثهامبتون، أجبر سلطات الملاحة الجوية على فرض قيود صارمة على الرحلات القادمة لدواعٍ أمنية، ما أدى إلى إغلاق المجال الجوي البريطاني بالكامل لمدة ساعة. ورغم استئناف الرحلات تدريجيًا في وقت لاحق من اليوم، لا يزال سبب الانقطاع مجهولًا، وسط توقعات باستمرار الاضطرابات حتى اليوم التالي.
وفي مطار هيثرو بلندن، أكبر مطارات أوروبا، اصطفت طوابير طويلة خارج صالات السفر بعد منع دخول الركاب على الرحلات الملغاة، حيث بدأ الموظفون في التحقق من بطاقات الصعود قبل السماح بالدخول. كما اضطرت الطائرات الجاهزة للإقلاع إلى الانتظار على المدارج لمدد وصلت إلى ثلاث ساعات.
جاء هذا الخلل في توقيت بالغ الحساسية، مع بداية عطلة المدارس البريطانية وازدحام المطارات بأعداد غير مسبوقة من المسافرين. وقد تأثرت بشكل خاص رحلات الخطوط الجوية البريطانية، التي تعرضت معظم رحلاتها للتأخير أو الإلغاء. وتشير التقديرات إلى أن المسافرين قد لا يكونون مؤهلين للحصول على تعويضات مالية، باعتبار أن سبب الأزمة خارج عن سيطرة شركات الطيران.
سلسلة أزمات متكررة في قطاع الطيران البريطاني
العطل الأخير يضاف إلى سلسلة من الأعطال التي شهدها قطاع الطيران البريطاني مؤخرًا. ففي مارس الماضي، تسبب حريق بمحطة كهرباء في انقطاع التيار عن مطار هيثرو لساعات، ما أدى إلى إلغاء أكثر من 1300 رحلة وتعطل سفر نحو 200 ألف راكب. وقد كشف هذا الحادث عن خلل كبير في أنظمة الدعم الاحتياطي بالمطار.
وفي عام 2023، أدى خلل آخر في نظام مراقبة الحركة الجوية إلى تأخير أكثر من 700 ألف مسافر، بتكلفة تجاوزت 115 مليون يورو. وأثار تكرار هذه الحوادث موجة انتقادات واسعة.
من جانبها، طالبت شركة “رايان إير” باستقالة رئيس هيئة مراقبة الحركة الجوية، مارتن رولف، متهمة إياه بسوء الإدارة. وقال متحدث باسم الشركة في بيان: “من المخزي أن يتكرر هذا المشهد من الفوضى، وكأنهم لم يتعلموا شيئًا من أزمة 2023”.
كما دعا إد ديفي، زعيم حزب الديمقراطيين الليبراليين، إلى فتح تحقيق عاجل في تكرار الأعطال، معتبرًا أن “تعطل جزء حيوي من البنية التحتية الوطنية بهذا الشكل أمر غير مقبول”، خصوصًا في ذروة موسم السفر الصيفي.
