القاهرة داليا عطية :
السفير الصيني في حوار خاص :
مرحلة جديدة من الشراكة الاستراتيجية بين مصر والصين ونأمل أن تدوم صداقتنا إلى الأبد
العلاقات الصينية المصرية أمامها آفاقًا واسعة ومستقبلًا مشرقًا
القضية الفلسطينية قضية محورية للصين ونعمل مع مصر على إنهاء الصراع ووقف الحرب في غزة و “حل الدولتين “
الصينيون يرحبون دائما بمصر ويتمنون أن تدوم الصداقة بين البلدين إلى الأبد
قمة السيسي وشي جين حددت مرتكزات للتعاون المشترك خلال المرحلة المقبلة
المعادلات الخمس للرئيس الصيني ترسم خارطة التعاون بين الصين والدول العربية
الذكاء الاصطناعي والمشروعات الخضراء والزراعة الحديثة والمعلومات الفضائية أبرز مجالات التعاون الصيني – العربي
العلاقات الصينية – العربية ترتكز على مبادئ المصالح المتبادلة .. وهذا ما حققه منتدى التعاون الصيني العربي
في توقيت بالغ الأهمية، تمر فيه العلاقات المصرية – الصينية ، بأزهى مراحلها، من الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين، والتي دخلت في عامها العاشر، أجرت “الزميلة داليا عطية ” حوارا صحفيًا مع سفير الصين لدى مصر، لياو ليتشيانج، والذي اختص به صحيفة الأخبار الهولندية، حول تفاصيل، وأولويات هذه الشراكة، للفترة المقبلة، وسياسات بكين، والقاهرة، فيما يخص التعاون الثنائي، وترفيع العلاقات بين البلدين، وأيضا القضايا الإقليمية الساخنة في المنطقة، حيث الحرب الوحشية على غزة، إضافة إلى ما حملته القمة الأخيرة لمنتدى التعاون الصيني – العربي، وتفاصيل ما آل إليه لقاء الرئيس السيسي، والرئيس الصيني شي جين بينج، الذي شهدته العاصمة بكين منذ أيام .
وقال سفير الصين لدى مصر، لياو ليتشيانج، إن زيارة الرئيس السيسي لبكين، ومباحثات القمة التي جرت بينه وبين الرئيس الصيني شي جين، دشنت مرحلة جديدة من التعاون المثمر بين البلدين، وأنها نموذجا للتعاون البنّاء والمخلص .
وكشف “لياو” في حواره الخاص عن اتفاق البلدين على الانتقال إلى مرحلة جديدة من الشراكة الإستراتيجية، بما يحقق تطلعات الشعبين، وذلك من خلال المزيد من المشروعات، والبرامج المشتركة، للتعاون البنّاء، لافتًا في هذا السياق، إلى ما قاله الرئيس السيسي، إنه يتطلع إلى تعزيز التعاون في مجالات الاتصالات، والذكاء الاصطناعي، والطاقة الجديدة، والأمن الغذائي .
وحدد السفير، 3 مرتكزات للشراكة المصرية – الصينية، وفق ما أشار إليه الرئيسان في مباحثاتهما مؤخرا، في بكين، يأتي في مقدمتها، تنمية المشروعات المشتركة، وكذلك الشراكة في مجال تحقيق أمن واستقرار المنطقة، والسلم العالمي .. وفيما يلي تفاصيل الحوار :
تمر العلاقات المصرية – الصينية بأزهى عصورها، كما وصفها الرئيس شي جين بينج، كيف ترى التعاون الثنائي بين البلدين ؟
هذا حقيقي، الصين ومصر علاقة صداقة وشراكة، وللقاهرة وزن وثِقَل في المنطقة، والعالم، ونحتفل سويًا هذه الأيام بالذكرى العاشرة لإقامة علاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين، وهي حدث استراتيجي مهم في مسيرة العلاقات الثنائية، وقد شاهدتُ بأم عيني اللحظات المهمة للعلاقات الصينية – المصرية، والصينية – العربية، خلال تواجدي في بكين، الأيام الماضية، ومشاركتي منتدى التعاون الصيني – العربي، الذي سعدنا بوجود الرئيس السيسي فيه .
زيارة الرئيس السيسي للصين لقيت اهتماما بالغا من الأوساط كافة ، ماذا عكست هذه الزيارة ؟
زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي لدولة للصين، وحضور الجلسة الافتتاحية للاجتماع الوزاري العاشر لمنتدى التعاون الصيني – العربي، جاءت تلبية لدعوة الرئيس شي جين بينغ، وهي أول زيارة لفخامته للصين، في فترة رئاسته الجديدة لمصر، وعكست أهمية كبيرة جدا، في دفع العلاقات الثنائية، والعلاقات الصينية -العربية، وقد لقيت الزيارة اهتماما بالغا من كلا الجانبين، لما تكتسبه من أهمية بالغة لتطوير وتعميق التعاون الثنائي، في المجالات كافة، والحفاظ على استقرار المنطقة .. الصينيون يرحبون دائما بمصر، ويتمنون أن تدوم الصداقة بين البلدين إلى الأبد.
وما الأهمية التي دوّنتها بكين لزيارة الرئيس السيسي ؟
أولًا .. أن الرئيس السيسي هو الرئيس العربي الأول الذي يستقبله الرئيس شي جين بينغ، وقد أقام له مراسم ترحيب مهيبة، وبمجرد وصول طائرة الرئيس السيسي بكين، لقيت ترحيبا حارا، عكس مدى الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين، وكذلك مدى الصداقة العميقة بين الرئيسين.
ثانيًا .. توصّل الرئيسان إلى توافقات كثيرة، منها تعزيز الثقة السياسية المتبادلة، وتعميق التعاون العملي، وتوسيع تبادل الأفراد والتواصل الشعبي، وجعل “ورشة عمل لوبان” نموذج التعاون الصيني الإفريقي في التعليم المهني”، وتكثيف التنسيق متعدد الأطراف، فضلا عن دعمهما المشترك للقضايا الساخنة على رأسها القضية الفلسطينية .
وكيف ترى الصين الحرب على فلسطين ؟
تبادل الرئيسان الآراء حول النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، وأكد الرئيس شي جين بينغ أن ما يحدث للمدنيين الأبرياء في قطاع غزة، كارثة إنسانية غير مقبولة، وأن الصين تشعر بألم شديد، وتتطابق سياستها الخارجية مع سياسة مصر في المطالبة بالوقف الفوري لإطلاق النار، وتجنب توسع النزاع حتى لا يؤثر على السلام والاستقرار الإقليميين، وأن المخرج الأساسي لحل القضية الفلسطينية هو حل الدولتين، واستعادة الشعب الفلسطيني دولته المستقلة، وأمنه، وسلامه، وأن الصين تدعم بثبات فلسطين لأن تصبح عضوا كاملا في الأمم المتحدة .
بعد 20 عامًا على تأسيس منتدى التعاون الصيني – العربي، كيف ترون دور المنتدى في دفع العلاقات الصينية العربية؟
بفضل المنتدى تطورت العلاقة بين الصين، والكثير من الدول العربية، من علاقات الشراكة، إلى علاقات التعاون الاستراتيجي، ثم علاقات الشراكة الاستراتيجية، وحققت قفزة كبيرة، فقد أقامت الصين علاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة، أو الشراكة الاستراتيجية، مع 15 دولة عربية، منذ تأسيس المنتدى، الذي عكس روح الصداقة الصينية – العربية المتمثلة في التضامن، والتآزر، والمساواة، والمنفعة المتبادلة، والشمول، والاستفادة المشتركة، وبناء المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك .. المنتدى عزز جهود الصين مع الدول العربية، نحو العمل من أجل بناء المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك، ومواصلة الدعم الثابت والمتبادل في القضايا المتعلقة بالمصالح الجوهرية، ودفع التعاون في إطار “الحزام والطريق”، وتحقيق مستقبل مشرق خلال التواصل بين الحضارتين، ودفع النظام الدولي نحو اتجاه أكثر عدلا وإنصافا، وتشكيل نموذج للتضامن والتعاون والتقوية الذاتية للتعاون الجماعي”.
في ضوء ما تم من مباحثات بين الرئيسين .. ما هي محاور أو ركائز التعاون المصري – الصيني في المرحلة المقبلة ؟
أولا، أن نصبح شركاء التنمية المشتركة، الصين تعمل على بناء دولة قوية، وتحقيق النهضة العظيمة للأمة، والتعاون بين الصين ومصر يواجه فرصًا تاريخية في كافة المجالات، وتحديدا مجالات الاتصالات، والذكاء الاصطناعي، والطاقة الجديدة، والأمن الغذائي، والمالية، وقد حدد الرئيسان الاتجاهات ذات الأولوية للعلاقات الثنائية في المستقبل، وهي الاتجاهات الرئيسية للجهات الحكومية لدى كلا الجانبين.
ثانيا، أن نصبح شركاء في صون الأمن، مصر دولة كبيرة ومهمة في الشرق الأوسط، وجرى توافق بين الرئيسين أن تكون الصين ومصر شركاء مهمة صون الأمن الإقليمي، سواء كان لمواجهة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، والقيام بالدور الإيجابي في حل القضية الفلسطينية بشكل فعال، أو الحفاظ على سلامة الملاحة البحرية في البحر الأحمر.
ثالثا، أن نكون شركاء في الحوكمة العالمية، مصر أول دولة عربية وإفريقية أقامت العلاقات الدبلوماسية مع الصين الجديدة، لتصبح العلاقة الصينية المصرية نقطة الانطلاق للعلاقات الصينية العربية، والصينية الإفريقية، كما أن مصر عضوا في منتدى التعاون الصيني العربي، ومنتدى التعاون الصيني الإفريقي، وهي دولة مؤثرة في العالم العربي، وإفريقيا، إضافة إلى انضمامها لمجموعة بريكس، كل هذا يزيد من الأهمية العالمية للتعاون الصيني المصري، ويجعل التعاون الوثيق بين البلدين في الشؤون الدولية يشكل نموذجا للتعاون بين دول الجنوب العالمي .
حدد الرئيس الصيني ما وصفه بـ”5 معادلات” لمجالات التعاون بين الصين والدول العربية .. كيف ترون تأثيرها ؟
ستعمل هذه المعادلات – على أساس الأعمال الثمانية المشتركة للتعاون العملي الصيني العربي – على ضخ قوة محركة جديدة، لبناء مجتمع مستقبل مشترك صيني-عربي .
وماذا عنها ؟
أولا .. معادلة أكثر حيوية للتعاون المدفوع بالابتكار، وفيها سيتعاون الجانب الصيني مع الجانب العربي في بناء 10 مختبرات مشتركة في مجالات الحياة، والصحة، والذكاء الاصطناعي، والتنمية الخضراء، والزراعة الحديثة، والمعلومات الفضائية، إضافة إلى الحرص على تعزيز التعاون مع الجانب العربي، في مجال الذكاء الاصطناعي، وتعزيز التعاون في مجالي الفضاء المأهول، والطائرات المدنية.
ثانيًا .. معادلة أكبر حجما للتعاون الاستثماري والمالي، يحرص فيها الجانب الصيني على إنشاء منتدى التعاون القطاعي والاستثماري مع الجانب العربي، ومواصلة دفع زيادة عضوية لرابطة المصارف الصينية العربية، وتسريع وتيرة تنفيذ مشاريع التعاون في إطار “القروض الخاصة لدفع العملية الصناعية في الشرق الأوسط” و”القروض الخاصة لدفع التعاون المالي بين الصين والدول العربية”، إضافة للترحيب بالدول العربية لإصدار “سندات الباندا” في الصين، و تعميق التواصل والتعاون مع الجانب العربي في مجال العملات الرقمية للبنوك المركزية.
ثالثًا .. معادلة أكثر تكاملا للتعاون الطاقوي، وفيها يواصل الجانب الصيني تعزيز التعاون الاستراتيجي مع الجانب العربي في مجال النفط والغاز، لربط أمن التموين بأمن السوق؛ مع حرص الصين على التعاون مع الجانب العربي في البحث والتطوير لتقنيات الطاقة الجديدة، وإنتاج المعدات المعنية لها، إضافة لدعم الصين شركات الطاقة والمؤسسات المالية الصينية، للمشاركة في مشاريع الدول العربية للطاقة المتجددة، التي تتجاوز إجمالي قدرتها المركبة 3000 ميغاوات.
رابعا .. معادلة أكثر توازنا للتعاون الاقتصادي والتجاري المتبادل المنفعة، ويواصل فيها الجانب الصيني، العمل بنشاط على تنفيذ مشاريع التعاون الإنمائي التي تبلغ قيمتها 3 مليارات يوان بعملة الرنمينبي، وتحرص الصين في هذه المعادلة على تسريع وتيرة المفاوضات مع الجانب العربي، حول اتفاقيات التجارة الحرة الثنائية، والإقليمية، وتعزيز بناء آلية الحوار للتعاون في التجارة الإلكترونية.
خامسا .. معادلة أوسع أبعادا للتواصل الثقافي والشعبي، تحرص فيها الصين على إنشاء “المركز الصيني العربي لمبادرة الحضارة العالمية”، وزيادة الحجم والتأثير لعدة مراكز صينية، وستدعو الصين 200 مسؤول من الأحزاب السياسية العربية كل عام لزيارة الصين، وسط جهود مع الجانب العربي في وصول العدد الإجمالي للسياح المتوجهين إلى الطرف الآخر في غضون السنوات الخمس المقبلة إلى 10 ملايين سائح.
أخيرا .. كيف ترون مستقبل العلاقات بين بكين والقاهرة ؟
كما قلت لكِ، الصينيون يرحبون دائما بمصر، ويتمنون أن تدوم الصداقة بين البلدين إلى الأبد، والعلاقات الصينية المصرية، أمامها آفاقًا واسعة، ومستقبلًا مشرقًا، وتحرص الصين على تعميق الثقة المتبادلة، ودفع التعاون مع مصر، وتعمل على بناء المجتمع الصيني – المصري للمستقبل المشترك، في العصر الجديد، بما يقدم مساهمة في الحفاظ على السلام، والاستقرار، والتنمية، والازدهار في المنطقة، والعالم.