لاهاي : خالد بكداش
أصدرت وكالة التعاون في إنفاذ القانون للاتحاد الأوروبي / Europol / تقرير حالة و اتجاهات الإرهاب في الاتحاد الأوروبي للعام 2025 و أهم ما جاء فيه عبر كلمة كاثرين دي بول :
يستمر الإرهاب والتطرف العنيف في تشكيل تهديد مستمر ومعقد لأمن الاتحاد الأوروبي ومواطنيه. مدفوعاً بالتوترات الجيوسياسية، ومعززاً بالترابط الرقمي، ومغذياً من قبل حركات أيديولوجية متنوعة، تزداد هذه التهديدات تعقيداً، مما يذكرنا بأن تهديد الإرهاب داخل الاتحاد الأوروبي ليس ثابتاً ولا بعيداً.
يسعدني أن أقدم لكم إصدار عام 2025 من تقرير حالة واتجاهات الإرهاب في الاتحاد الأوروبي (EU TE-SAT). يمثل هذا التقرير السنوي مرجعاً شاملاً يوفّر لمحة عامة عن الوضع الإرهابي في الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي، ويُعد أداة أساسية لمساعدة صناع القرار وتوجيه الاستجابة العملياتية وتعزيز جهودنا الجماعية لمكافحة هذا التهديد المتطور.
في عام 2024، تأثرت التهديدات الإرهابية مجدداً بالتطورات التي حدثت خارج حدود الاتحاد الأوروبي. فقد ساهم النزاع في غزة، وحرب العدوان الروسية على أوكرانيا في تغذية السرديات المتطرفة العنيفة، مما دفع بعمليات التجنيد والتعبئة داخل الاتحاد الأوروبي. كما شكّل انهيار نظام بشار الأسد في سوريا تحولاً جيوسياسياً له تداعيات أمنية محتملة على المدى المتوسط والبعيد.
كان تورط القُصّر والشباب في الإرهاب والتطرف العنيف تطوراً مقلقاً شهد نمواً متزايداً في عام 2024، إذ لعبت مشاكل الصحة النفسية، والعزلة الاجتماعية، والاعتماد الرقمي دوراً محورياً في تطرف الشباب. كما شكل استغلال الذكاء الاصطناعي والتقنيات الحديثة مصدر قلق كبير، إذ استُخدمت هذه الأدوات المتطورة في التجنيد والدعاية وابتكار أساليب تنفيذ وتمويل الهجمات، مما خلق تحديات جديدة أمام أجهزة إنفاذ القانون ومكافحة الإرهاب.
علاوة على ذلك، يتنامى اندماج الحياة الرقمية والواقعية، حيث تترجم عمليات التطرف عبر الإنترنت إلى عنف واقعي بشكل سلس. هناك العديد من المجتمعات الرقمية التي تجذب الأفراد المتطرفين الذين فقدوا حساسيتهم تجاه العنف والمعاناة، ليتبادلوا ويُخططوا لارتكاب أعمال عنف. ويؤدي هذا التداخل الأيديولوجي إلى مزيد من التعقيد في تصنيف وتتبع هذه المجموعات ضمن الأطر التقليدية للإرهاب المعاصر.
وفي مواجهة هذا المشهد المترابط والمتغير، تظل يوروبول وشركاؤها ملتزمين بتعزيز التعاون الدولي في مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف. وسنواصل تعزيز الشراكات واستكشاف طرق جديدة للابتكار في جهودنا لمكافحة الإرهاب. وأؤكد في الختام تضامننا الثابت مع ضحايا الإرهاب وعائلاتهم.
كاثرين دي بول
المديرة التنفيذية ليوروبول
النتائج الرئيسية لعام 2024:
- تم تسجيل 58 هجوماً إرهابياً في الاتحاد الأوروبي (34 منها نُفذت بنجاح، و5 فشلت، و19 تم إحباطها).
- كانت هجمات الإرهاب الجهادي الأكثر دموية، إذ أسفرت عن مقتل 5 أشخاص وإصابة 18 آخرين.
- تم تنفيذ معظم الهجمات على يد أفراد منفردين.
- سجلت الدول الأعضاء 449 عملية اعتقال مرتبطة بجرائم الإرهاب؛ كان أغلبها بسبب الإرهاب الجهادي (289 اعتقالاً).
- لوحظ تزايد مقلق في تورط القُصّر والشباب، خاصة الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و20 عاماً.
- استمرت الجماعات الإرهابية في استغلال التقنيات المتقدمة، مثل الذكاء الاصطناعي والعملات المشفرة والمنصات الافتراضية والألعاب الإلكترونية لأغراض التجنيد والدعاية والتمويل.
التطورات الرئيسية المؤثرة في الأمن الأوروبي
التطورات الجيوسياسية وتأثيرها على أمن الاتحاد الأوروبي
أدى الرد العسكري الإسرائيلي على هجوم حركة حماس الإرهابي في 7 أكتوبر 2023 وما تبعه من دمار في قطاع غزة إلى تأثير كبير على الأمن الداخلي للاتحاد الأوروبي طوال عام 2024. فقد استغلت مختلف الجماعات الإرهابية والتطرف العنيف عبر الطيف الأيديولوجي هذا الصراع لإشعال الكراهية والتحريض على العنف.
- استغلت جماعات مثل القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) هذا النزاع لتأجيج التوتر والدعوة إلى شن هجمات، لا سيما ضد أهداف إسرائيلية ويهودية.
- أعادت الجماعات اليسارية والفوضوية المتطرفة إحياء المشاعر المناهضة لإسرائيل، والتي امتزجت أحياناً بمظاهر معاداة السامية والنزعة المعادية للإمبريالية والعنصرية.
- في المقابل، شهدت الساحة اليمنية المتطرفة تصاعداً في دعاية الكراهية القائمة على العنصرية، وتفوق العرق الأبيض، ومعاداة السامية.
كما نشطت جماعات مثل حماس وجناحها العسكري كتائب عز الدين القسام، وحزب الله، وأنصار الله في اليمن في نشر دعاية مؤيدة لما يسمى بـ “طوفان الأقصى”، مما ساهم في تغذية الكراهية وتعزيز التطرف العنيف حتى وإن لم تدعُ صراحة للعنف الإرهابي داخل الاتحاد الأوروبي.
في ديسمبر 2024، نسّقت يوروبول أكبر عملية دولية لإزالة المحتوى الإرهابي وخطابات الكراهية من الإنترنت، بمشاركة 18 جهة أمنية أوروبية، استهدفت تصاعد التحريض على العنف ضد الجماعات العرقية والدينية بعد هجمات حماس.
الحرب الروسية ضد أوكرانيا
استمرت الحرب الروسية العدوانية على أوكرانيا في لعب دور رئيسي في نشر السرديات المتطرفة والتجنيد في صفوف اليمين المتطرف:
- شارك متطرفون عنيفون في القتال على جانبي النزاع، بينما أعرب آخرون عن رغبتهم في الانضمام عبر الإنترنت.
- أثار احتمال عودة هؤلاء إلى الاتحاد الأوروبي، بعد اكتسابهم مهارات قتالية وتأثرهم بالصدمة النفسية من الحرب، قلقاً متزايداً حول المخاطر المستقبلية.
- ساهم النزاع في زيادة تهريب وانتشار الأسلحة، وهو ما قد يوفر مخزوناً محتملاً للجماعات الإرهابية في مرحلة ما بعد انتهاء الحرب.
انهيار النظام السوري
في ديسمبر 2024، انهار نظام بشار الأسد في سوريا وتولى قيادة الحكومة الجديدة زعيم هيئة تحرير الشام (HTS)، مما مثل تحولاً جيوسياسياً ذا تداعيات أمنية كبيرة:
- تثير مشاركة قيادات جهادية سابقة في الحكومة الجديدة شكوكاً حول التزام النظام بمحاربة الإرهاب وحماية الأقليات.
- ظهرت مؤشرات على رغبة متطرفين يساريين في دعم النظام الجديد وربما السفر إلى سوريا للانضمام لجماعات إرهابية.
- قد يحاول عناصر تنظيم الدولة الإسلامية استغلال الاضطرابات لتحرير سجناء التنظيم من معسكرات شمال شرق سوريا مثل “الهول” و”روج”.
تهديدات إضافية في إفريقيا وأماكن أخرى
- يواصل تنظيما داعش والقاعدة السيطرة على أجزاء من منطقة الساحل، وموزمبيق، والصومال.
- في اليمن، تستمر جماعة أنصار الله في استهداف مصالح إسرائيلية وغربية.
- قد توفر هذه المناطق وجهات جديدة للمقاتلين الإرهابيين الأجانب الراغبين في تنفيذ عمليات خارجية ضد الاتحاد الأوروبي.
