تعرب منظمة صحفيات بلا قيود (WJWC) عن قلقها العميق إزاء تصعيد السلطات الإيرانية انتهاكاتها ضد الصحفيين والعاملين في مجال الإعلام، خاصة مع اقتراب الذكرى السنوية الأولى لوفاة مهسا أميني المأساوية. توفيت أميني، البالغة من العمر 22 عاماً، أثناء احتجازها لدى الشرطة في 16 سبتمبر/أيلول بعد إلقاء القبض عليها لارتدائها قميصاً اعتُبر أنه ينتهك قواعد الحجاب “بشكل غير لائق”.
أشعلت وفاة أميني المأساوية احتجاجات واسعة النطاق في إيران، مما أدى إلى تصعيد وحشية السلطات. وتم قمع وقتل مئات المتظاهرين. وواجهت وسائل الإعلام المستقلة قمعًا غير مسبوق، حيث تم اعتقال الصحفيين وتعذيبهم وتقييد عملهم بشدة. وعلى الرغم من مرور عام على بدء حملة القمع الوحشية، إلا أن الانتفاضة لا تزال مستمرة، وهي بمثابة تذكير بأن قمع الوصول إلى الحقيقة لا يمكن أن يخفف الشعور بالظلم أو إسكات أولئك الذين يتمردون عليه.
قبل أيام قليلة من الذكرى السنوية لوفاة أميني، أصدرت السلطات الإيرانية أحكاما بالسجن على ثلاث صحفيات في تحذير مروع لمجتمع الصحافة. ويسلط هذا الإجراء، الذي يستهدف الصحفيات بشكل خاص، الضوء على المخاطر التي يواجهنها أثناء قيامهن بعملهن، خاصة عند تغطية المظاهرات أو كشف حقيقة السلطة وإخفاقاتها وطبيعتها الوحشية. إن مثل هذه الإجراءات تقوض الحرية وتخنق أصوات أولئك الذين يسعون إلى مساءلة السلطة.
حُكم على الصحفية نزيلة معروفيان بالسجن لمدة عام بتهمتي “الدعاية ضد النظام” و”التواطؤ والتجمع”. بالإضافة إلى ذلك، تلقى الصحفيان ناجين باقري والناز محمدي حكماً بالسجن لمدة ثلاث سنوات مع وقف التنفيذ بتهمة “التجمع والتواطؤ لارتكاب الجريمة”. وقد صدرت هذه الأحكام رداً على تغطيتهم لاحتجاجات “النساء، الحياة، الحرية” التي استمرت لأشهر، والتي أشعلها مقتل أميني.
تستمر محنة الصحفية معروفيان المضطربة حيث تم اعتقالها للمرة الرابعة في 30 أغسطس، مما أدى إلى حادثة عنف واعتداء مؤلمة من قبل قوات الأمن أثناء مداهمة منزلها في طهران. في 6 سبتمبر/أيلول، سربت معروفيان بكل شجاعة تسجيلاً صوتياً من سجن إيفين، كشفت فيه أنها تعرضت لـ “اعتداء جنسي” أثناء اعتقالها الأخير.
الناز محمدي هي الشقيقة التوأم للصحفية إلهان محمدي، المحتجزة منذ 29 سبتمبر 2022، بسبب تغطيتها لجنازة مهسا أميني. وواجهت إلهان محاكمة في مايو/أيار، حيث اتُهمت بـ”التآمر” و”التواطؤ”. وهي حاليًا في حالة ترقب حيث تنتظر الحكم عليها.
أما إلناز محمدي، فهي في وضع مختلف عن شقيقتها إلهان التي لا تزال معتقلة. على الرغم من عدم احتجاز إلناز وناجين، إلا أنهما غير قادرين على مغادرة إيران، أو التفاعل مع وسائل الإعلام الأجنبية، أو الانخراط في الصحافة. بالإضافة إلى ذلك، يجب عليهم حضور الدورة التدريبية المطلوبة حول أخلاقيات المهنة الصحفية كل فصل دراسي، تحت إشراف وتعاون وثيقين من قبل وزارة المخابرات.
وفقاً لصحفيات بلا حدود، تم اعتقال حوالي 40 صحفية وعاملة في مجال الإعلام، وهو عدد كبير بشكل مدهش بالنظر إلى أن النساء العاملات في الصحافة يشكلن أقلية في البلاد. وتعتقد المنظمة أن الاعتقالات لا تعتمد فقط على تقاريرهم، بل على جنسهم ودفاعهم عن حقوق وحريات النساء والرجال الإيرانيين.
على الرغم من المعلومات المحدودة عن الانتهاكات الصحفية في إيران، تكشف النتائج التي توصلنا إليها أنه تم اعتقال أكثر من 100 صحفي، من الذكور والإناث، في الفترة من سبتمبر 2022 إلى مايو 2023. ومن بين هؤلاء، لا يزال 33 صحفيًا على الأقل رهن الاحتجاز. علاوة على ذلك، تم اعتقال تسعة آخرين قبل الاحتجاجات، مما أدى إلى أحكام سجن شديدة على البعض، مثل الصحفي الذي حكم عليه بالسجن لمدة تصل إلى 18 عامًا. وتم إطلاق سراح آخرين بكفالة، لكنهم ما زالوا يواجهون إمكانية إعادة المحاكمة والسجن.
رداً على الأحكام السياسية بحق الصحفيات اللاتي أحيين ذكرى مقتل “أميني”، صعدت السلطات الإيرانية من قمعها ليشمل وسائل الإعلام. في 4 سبتمبر/أيلول، قامت هيئة الإشراف على الصحافة، التابعة لوزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي، بإلغاء رخصة التشغيل لشركة انتخاب، التي تدير موقع انتخاب الإخباري التابع لحركة الإصلاح. نتيجة لتقرير فيديو انتقادي صدر في 22 أغسطس/آب، والذي يدقق في السياسة الخارجية للرئيس إبراهيم رئيسي، اتخذت السلطات الإيرانية إجراءات بفرض حظر لأجل غير مسمى على الموقع وحجب حسابات وسائل التواصل الاجتماعي المرتبطة به داخل البلاد.
استمرت عمليات فصل الصحفيين في إيران، مما أثر على المراسلين والمراسلات الذين واجهوا فقدان وظائفهم نتيجة انتقاداتهم للمسؤولين الحكوميين. في 10 أغسطس/آب، تم فصل أزاده بيراكوه ومحسن أجارلو، الصحفيين في صحيفة “إيران سبورتس” التي تديرها الدولة، بسبب تعبيرهما عن مخاوفهما بشأن إدارة وزارة الرياضة والشباب خلال فترة عمل الوزير السابق حامد سجادي، الذي استقال في وقت سابق من هذا العام. شهر.
المصدر : صحفيات بلا حدود