برلين : خالد بكداش
في عملية دولية منسقة جرت في الرابع من نوفمبر 2025، استهدفت السلطات ثلاث شبكات كبرى للاحتيال وغسل الأموال ضمن عملية “تشارج باك” (Operation Chargeback)، بقيادة قسم الجرائم الإلكترونية في مكتب المدعي العام بمدينة كوبلنز الألمانية والشرطة الجنائية الفيدرالية الألمانية (BKA).
التحقيقات، التي بدأت في ديسمبر 2020، أسفرت عن تنفيذ أكثر من 60 عملية تفتيش و18 مذكرة توقيف، في إطار ملاحقة شبكات يُشتبه في استخدامها بيانات بطاقات ائتمان تخص أكثر من 4.3 ملايين شخص في 193 دولة. وقد بلغت الأضرار المباشرة الناتجة عن هذه الأنشطة الاحتيالية أكثر من 300 مليون يورو، فيما حاول المتورطون تنفيذ عمليات إضافية بقيمة تفوق 750 مليون يورو.
دعم أوروبي واسع وتعاون دولي
شاركت وكالة يوروبول في دعم التحقيق، الذي استهدف 44 مشتبهاً من ألمانيا ودول أخرى. وشمل الموقوفين أفراداً من الشبكات الاحتيالية ومديرين تنفيذيين في شركات ألمانية لخدمات الدفع ووسطاء ومزوّدي خدمات “الجريمة كخدمة” (Crime-as-a-Service) ممن وفروا شركات وهمية وهيكليات مالية مزيفة.
في ألمانيا وحدها، نُفذت عمليات تفتيش في 29 موقعاً بمختلف الولايات، وتم تنفيذ خمس مذكرات توقيف، بمشاركة أكثر من 250 عنصراً من أجهزة الأمن والادعاء العام وهيئة الرقابة المالية (BaFin) ووحدات مكافحة التهرب الضريبي. كما تم مصادرة أصول تزيد قيمتها على 35 مليون يورو في ألمانيا ولوكسمبورغ.
أسلوب الاحتيال
بين عامي 2016 و2021، استخدم المشتبه بهم بيانات بطاقات ائتمان مسروقة لإنشاء نحو 19 مليون اشتراك إلكتروني وهمي في مواقع متخصصة في المحتوى الإباحي وخدمات المواعدة والبث، صُممت لتفادي ظهورها في محركات البحث، ما جعل الوصول إليها متاحاً فقط عبر روابط مباشرة.
جرى فرض رسوم شهرية صغيرة (حوالي 50 يورو) بأوصاف مبهمة، مما صعّب على أصحاب البطاقات اكتشاف المعاملات غير المصرح بها.
استغلال مقدمي خدمات الدفع وغسل الأموال
استغل المتورطون بنية تحتية لأربع شركات ألمانية كبرى لخدمات الدفع، حيث تعاون بعض المديرين التنفيذيين ومسؤولي الامتثال معهم مقابل عمولات، ما سمح بتمرير المعاملات الاحتيالية وغسل الأموال.
واستخدمت الشبكات شركات واجهة (Shell Companies) مسجلة في المملكة المتحدة وقبرص لتوزيع المعاملات المزيفة وتقليل خطر اكتشافها. وقد زوّدهم مزوّدو خدمات الجريمة بهياكل شركات جاهزة مع مدراء وهميين ووثائق تعريف مزورة.
حملة دولية منسقة
شملت الإجراءات المنسقة يوم 4 نوفمبر 2025 ألمانيا والولايات المتحدة وكندا وسنغافورة ولوكسمبورغ وقبرص وإسبانيا وإيطاليا وهولندا، بدعم من يوروبول ويوروغست.
نُفذت مداهمات عدة وصودرت وثائق وأجهزة اتصال وبيانات رقمية، كما جُمّدت أصول مالية ضخمة.
جاءت هذه العملية بعد تعاون قضائي وأمني واسع، تضمن أكثر من 90 طلب مساعدة قانونية متبادلة بين 30 دولة.
تصريحات المسؤولين
قالت كاثرين دي بول، المديرة التنفيذية ليوروبول:
“تمثل عملية تشارج باك نموذجاً لقوة التعاون الدولي في تفكيك الشبكات الإجرامية المعقدة، وتؤكد الدور الحيوي ليوروبول في دعم أجهزة إنفاذ القانون حول العالم.”
أما ماغنوس برونر، مفوض الاتحاد الأوروبي للشؤون الداخلية والهجرة، فأكد أن التعاون العابر للحدود داخل الاتحاد الأوروبي ومع الشركاء الدوليين يحقق نتائج ملموسة، مشيراً إلى ضرورة تحديث تفويض يوروبول لتعزيز قدرة أجهزة الأمن على مواجهة الجريمة المنظمة.
دعم يوروبول ويوروغست
قدّمت يوروبول الدعم التحليلي منذ مايو 2023، وساعدت في تحديد أماكن المشتبه بهم وتنسيق الاجتماعات العملياتية بين الدول المعنية. كما شاركت بخبراء في مجال العملات المشفرة خلال يوم العملية.
من جهتها، مكّنت يوروغست التعاون القضائي بين أوروبا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة وكندا وسنغافورة عبر شبكة من وكلاء الاتصال.
حالياً، يواجه المشتبه بهم اتهامات بالاحتيال الإلكتروني المنظم، والانتماء إلى منظمة إجرامية، وغسل الأموال، فيما لا تزال التحقيقات وتحليل الأدلة المصادرة مستمرة.
