الجالية السورية في هولندا… حكاية وطن في بلاد الطواحين

أمستردام – محمد رائد كعكة

في قلب أوروبا، وتحديداً في مملكة هولندا، تتبلور ملامح تجربة سورية مميزة، ينسجها أبناء الجالية السورية هناك بأنامل الأمل والانتماء، في سعي دؤوب للحفاظ على الهوية الثقافية والوطنية، ومدّ جسور التواصل مع الوطن الأم، والمساهمة الفعالة في المجتمع المضيف.

بالعربية NLNEWS أجرت هذه اللقاءات حول انطلاق أعمال الجالية السورية في هولندا مع المؤسسين و بعض أعضاء الجالية :

سياقات التكوين وظروف الاغتراب

الدكتور جمال شحود – دكتوراه في اللغة العربية

يرى أن انتشار الجاليات في مختلف دول العالم أمر شائع تعود أسبابه إلى دوافع اقتصادية واجتماعية وأمنية، لكن أبرزها تظل الحروب والصراعات. ويضيف:

“مع شيوع الأمن والاستقرار هنا في هولندا، يسعى أبناء الجالية السورية لتنظيم شؤونهم والمساهمة في خدمة وطنهم سوريا، كما يعملون ليكونوا فاعلين ومنتجين في مجتمعهم الجديد وليشكلوا جسراً بين الدولتين بما يخدم مصالحهما.”

الهوية والاندماج: توازن حذر

خالد فيصل الطويل – بكالوريوس تكنولوجيا المعلومات – ماجستير في إدارة التقانة

وأمين سر مجلس إدارة الجالية السورية (تحت التأسيس)، يؤكد أن الجالية هي “مظلة لكل السوريين في هولندا، تهدف للحفاظ على الهوية الثقافية وتمنحهم صوتاً مؤثراً في المجتمع الهولندي، كما تساهم في مساندة الوطن الأم بمختلف الوسائل الممكنة”.

التنظيم والتمثيل ضرورة لا رفاهية

الدكتور محمد ربيع الجنيدي، الحاصل على دكتوراه في الشريعة الإسلامية،

أن غياب التمثيل الدبلوماسي الرسمي السوري في هولندا فرض على السوريين مسؤولية تشكيل كيان تمثيلي يعبر عنهم.

ويضيف: “الجالية السورية يجب أن تقوم بعدة مهام منها دعم العلاقات الثقافية بين سوريا وهولندا، تقديم الدعم للاجئين، وتعزيز الهوية الوطنية”. ويؤكد أن من أبرز أهدافها الحفاظ على الهوية الثقافية السورية، ودعم المصالح العليا لسوريا.

الطالب والمستقبل

محمود الناصر، طالب في قسم الإدارة الحكومية – جامعة لاهاي

يرى أن وجود كيان منظم للجالية يساهم في لم شمل السوريين وتعزيز الروابط الاجتماعية والثقافية، إضافة إلى كونه منصة للدفاع عن الحقوق والمساهمة في دعم التعليم والعمل والاندماج. ويؤمن أن هذا التنظيم “يعزز الشعور بالانتماء ويمنح السوريين فرصة للتأثير الإيجابي”.

جالية سورية وطنية بامتياز

آية المحاميد – ناشطة حقوقية ،

تؤمن بأن الجالية السورية في هولندا يجب أن تلعب دوراً وطنياً خالصاً، بعيداً عن أي أيديولوجيا سياسية أو دينية. هدفها يجب أن يكون خدمة السوريين، سواء في الداخل أو الخارج، دون تحزّب أو انحياز ومن الضروري أن تُركّز على بناء شبكة قوية من الكفاءات والمبادرات التي تدعم التعليم، الاقتصاد، الرعاية الصحية و غيرها من القطاعات في سوريا. الجالية السورية يجب أن تكون لسوريا فقط دون ان تُنسب لأشخاص او جماعات أياً كانت وأن تكون صوتاً مدنياً و تنموياً.

الفن والهوية

الفنان والموسيقي عمر النويلاتي

يرى في الجالية “مشروعاً مجتمعياً ينبض بروح التضامن والانتماء”. ويضيف: “من خلال الموسيقى والفن نحافظ على الذاكرة ونوصل رسائل الحنين والكرامة، ونسعى لبناء مجتمع سوري متماسك ومزدهر في المهجر”.

الثقافة جسر بين الحضارتين

الكاتب والشاعر السوري صلاح محمد حنايا المقيم في لاهاي

يرى في الجالية فرصة لإبراز الوجه الحضاري للسوريين قائلاً: “الجالية تسلط الضوء على الدور الحضاري لسوريا، وتعرّف الهولنديين بعاداتنا ونخبنا الثقافية والعلمية، وتساهم في الاندماج عبر الاحترام المتبادل والتبادل الثقافي”.

المرأة ودور القيادة المجتمعية

باسمة دواليبي، رئيسة منظمة “دار الياسمين” في نايميخن

تؤكد أهمية الدعم الذي تقدمه الجالية للقادمين الجدد، وخاصة في مجالات تعلم اللغة والدعم النفسي. وتقول: “أنا سعيدة لانضمامي للجالية، فقد لمست فيها الشفافية والتنظيم، والسعي لأن تكون صورة مشرفة للسوريين في هولندا”.

بين الماضي الذي لا يُنسى، والحاضر الذي يُصنع بشغف، والمستقبل الذي يُرسم بالأمل، تمضي الجالية السورية في هولندا بخطى ثابتة نحو بناء كيان يحقق التوازن بين الانتماء للوطن والاندماج في المهجر. إنها قصة منفى تتحول إلى فرصة، وشظايا وطن تتجمع في الغربة لتشكل لوحة ناصعة تعكس عراقة شعب وقوة إرادته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى