بقلم الكاتبة ريم رفعت بطال..
في معرض الشارقة الدولي للكتاب: حروفٌ تُلامس الوجدان وأوتارٌ تُضفي على القصائد روحاً مضيئة
في ليلةٍ من ليالي الدورة الرابعة والأربعين لمعرض الشارقة الدولي للكتاب، ازدان فضاء المعرض بأمسية فريدة حملت عنوان “شِعر ووَتر”، نظّمها اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات، فجمعت بين جمال الكلمة ونقاء اللحن، وبين صوت الشاعر وحساسية آلة القانون التي عزفت عليها الفنانة سمية بو خشم بإبداع لافت وحضور يأسر المستمعين.
ياسر دحى… ذاكرة القصيدة وحنين الأب
افتُتِحت الأمسية بصوت الشاعر ياسر دحى، رئيس تحرير مجلة حوريت الثقافية، الذي بدأ من عوالم ديوانه على حافة الورق، ليستعيد عبر قصائده صلة الشعر بالذاكرة والغياب. توزّعت كلماته بين التأمل والوجدان، فقرأ من نصّه “أنا القلق”، ثم قصيدته التي أهداها للشاعر أنور الخطيب بعنوان “في مقهى أم القيوين”، قبل أن يختتم بإلقاء قصيدة مؤثرة مهداة لروح والده بعنوان “يا أبتِ”، فلامست مشاعر الحضور بصدقها ودفئها.
نجاة الظاهري… حضور أنثوي ينفذ إلى العمق
تألقت الشاعرة نجاة الظاهري بحضورها الآسر وكلماتها التي تتسلل إلى القلوب بعمق ورهافة. بدأت بنصها “قمر الشعراء”، وهو نص يجمع بين الحس الإنساني الصادق واللغة الرقيقة، ثم دمجته بخيوط من قصيدة “العطف يخلّد صاحب العلياء”، فكان التداخل بين النصين لوحة فنية تشبهها. وواصلت الظاهري الأمسية بقصيدتها “ككل المساكين” التي عبّرت فيها عن الإنسان البسيط، الفقير، ذلك الذي يسير في الحياة بعفويته وهمّه اليومي. أما ختامها فكان بكلمات متفائلة تحمل روح الفرح والرجاء في قصيدة “لن ينتهي العمر قبل الفرحة الكبرى… قبل الوصول إلى حلمي”، فتركت في النفوس بصمة أمل لا تُنسى.
سمية بو خشم… موسيقى تُكمل المعنى
لم تكن آلة القانون مجرد خلفية موسيقية، بل كانت روحاً ثالثة للأمسية. عزفتها الفنانة سمية بو خشم بإحساس عميق جعل الأوتار تتداخل مع الكلمات في انسجام كامل، ليبدو المشهد كلوحة تتكامل فيها عناصر الإبداع.
شيخة بن خميس… إدارة تحفّز الحوار وتضيء النصوص
وبرز دور الإعلامية شيخة بن خميس التي أدارت الحوار بحرفية وأناقة، فتنقّلت بين الشاعرين بسلاسة، وأبرزت جماليات النصوص وأعماقها، وأضافت للأمسية روحاً من التوازن والحيوية.
كانت أمسية شِعر ووتر إحدى اللحظات المضيئة في معرض الشارقة الدولي للكتاب، أمسية جمعت بين جمال الكلمة وشفافية اللحن، واحتفت بالشعر كجسرٍ يصل الوجدان بالروح. أمسية بقيت في ذاكرة الحضور كما تبقى القصيدة الجميلة… نابضة، صادقة، وآسرة.
