قمة الناتو ستستنزف القدرة اللوجستية الهولندية إلى أقصى حد

أمستردام : خالد بكداش

تشهد مدينة لاهاي / den Haag / هذا الأسبوع أكبر عملية أمنية في تاريخ هولندا، تزامناً مع انعقاد قمة الناتو التي تستمر يومين. يشارك في تأمين الحدث حوالي 27,000 من عناصر الشرطة، إلى جانب 10,000 من العسكريين، في إطار عملية أُطلق عليها اسم “درع البرتقال”. كما تم جدولة 9,000 وردية إضافية لشرطة الحدود.

وقد دُعي سكان منطقة “راندستاد” — الشريط الساحلي المكتظ بين أمستردام وروتردام — للعمل من منازلهم طوال الأسبوع إن أمكن، تجنباً للازدحامات المرورية الناتجة عن إغلاق العديد من الطرق السريعة. كما تم فرض قيود جوية وبحرية في محيط لاهاي، وتم تخصيص أحد مدارج مطار سخيبول للطائرات التي تقل المسؤولين والدبلوماسيين القادمين من 45 دولة. ومن المتوقع أن يحضر القمة نحو 9,000 شخص، بينهم 2,000 صحفي.

وقد تضاعفت تكلفة العملية الأمنية لتصل إلى 183 مليون يورو، وهو ضعف ما كان متوقعاً عندما تم الإعلان عن لاهاي كمقر للقمة قبل عام، تزامناً مع تعيين رئيس الوزراء السابق مارك روته أميناً عاماً جديداً لحلف الناتو.

واعترف منسق مكافحة الإرهاب الهولندي، بيتر-ياب آلبيرسبرغ، أن قدرات الأجهزة الأمنية قد وصلت إلى أقصى حدودها. وقال في مقابلة مع برنامج Nieuwsuur: «لو كان لدينا 50 شخصية بارزة إضافية، لاضطررنا على الأرجح إلى طلب دعم دولي.»

تأمين حضور ترامب

أحد أكبر التحديات هو تأمين سلامة 150 من كبار المسؤولين الحكوميين المشاركين في القمة، بمن فيهم رؤساء الدول ووزراء الدفاع والخارجية، وعلى رأسهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

وقد طغى السؤال حول حضور ترامب شخصياً على التحضيرات للقمة، خاصة بعد الضربات الجوية الأمريكية الأخيرة على منشآت نووية إيرانية في عطلة نهاية الأسبوع. إلا أن السلطات الهولندية وضعت خططها الأمنية على أساس حضوره المقرر يومي 24 و25 يونيو.

من المتوقع أن تكون زيارة ترامب قصيرة، حيث سيصل مساء الثلاثاء قبيل مأدبة العشاء التي يقيمها الملك فيليم ألكسندر في قصر “بالايس تن بوش”، بحضور شخصيات بارزة من بينهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. وقد شوهدت الليموزين الرئاسية المدرعة المعروفة بـ “الوحش” عند وصولها إلى مطار سخيبول يوم السبت، في مؤشر قوي على حضوره.

رغم تكتم السلطات، تشير التقارير إلى أن ترامب سيقيم في فندق “هاوس تير دوين” في نوردفايك، الذي يبعد نحو 30 كيلومتراً عن لاهاي — وهو نفس الفندق الذي أقام فيه الرئيس الأسبق باراك أوباما خلال قمة الأمن النووي عام 2014. وتم تعزيز الإجراءات الأمنية في محيط الفندق، وإغلاق الشاطئ القريب، كما أُزيلت عربات عجلة “بيلا فيستا” الدوارة لأسباب أمنية.

إدارة المخاطر

أقر آلبيرسبرغ أن القضاء الكامل على المخاطر يتطلب إغلاق البلاد بشكل كامل لمدة يومين، وهو أمر غير واقعي. وأضاف: «لذلك فإن إدارة المخاطر — والاستعداد الجيد في حال سارت الأمور بشكل سيئ والتدرب على ذلك — لا تقل أهمية عن منع وقوع الحوادث.»

وقد زادت تعقيدات المهمة الأمنية بعد اعتقال ثمانية من أعضاء مجموعة “المواطنين السياديين” — وهي حركة ترفض سلطة الدولة الهولندية ولا تلتزم بدفع الضرائب أو تسجيل العناوين — للاشتباه بتخطيطهم لهجوم عنيف.

إغلاقات الطرق والمجال الجوي

من بين القيود المحلية إغلاق الطريق السريع A44 بين فاسينار ولايدن، والطريق N44 بين لاهاي وفاسينار، بالإضافة إلى جزء من الطريق السريع A5 قرب مطار سخيبول. كما خُصصت مسارات في الطريق A4 لتسهيل تنقل الوفود.

وتم إغلاق شارع “يوهان دي فيتلان”، المؤدي إلى مركز المؤتمرات (وورلد فوروم)، منذ شهر أبريل لتحويله إلى حرم مؤقت يستوعب الوفود المشاركة، بعد إزالة الأشجار وسلسلة أعلام الدول. وسيبقى الإغلاق مستمراً لستة أسابيع إضافية بعد انتهاء القمة.

مراقبة بحرية وجوية مشددة

في البحر، تقوم السفن الحربية بدوريات قبالة سواحل سخيفنينغن ونوردفايك، مع إغلاق المنطقة البحرية باستثناء سفن الصيد. وفي الأجواء، تحلق طائرات الهليكوبتر والمقاتلات من طراز F-35، إلى جانب تفعيل الدفاعات الجوية البرية. وطلب من سكان المنطقة المحيطة بمركز المؤتمرات تحويل البريد والتسليمات إلى خارج المنطقة، حيث يسمح فقط للسكان بالدخول عبر الحواجز الأمنية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى