
جسر جديد بين رجال الأعمال السوريين في أوروبا ووطنهم الأم نحو فرص استثمارية واعدة
روتردام – الصحفي محمد رائد كعكة
شهدت مدينة روتردام الهولندية إطلاق مجلس الأعمال الهولندي – السوري، بحضور عدد من رجال وسيدات الأعمال والنخب العلمية والمهنية المقيمة في هولندا، من مجالات الاقتصاد والمال والتعليم والصحة والزراعة والصناعة، إلى جانب متخصصين في التدقيق المالي، والأمن السيبراني، والذكاء الصناعي، والعمل الاجتماعي، والطب والصيدلة. وجاء الحدث تتويجاً لجهود امتدت لأشهر بين رجال أعمال سوريين في هولندا ونظرائهم في الداخل السوري، بهدف تأسيس كيان اقتصادي قادر على مدّ الجسور بين السوقين وتوليد فرص تعاون واستثمار مشترك.



فكرة المجلس: من المبادرة إلى التأسيس
يقول منار أبو رشيد، عضو اللجنة التأسيسية للمجلس:
“قمنا بتأسيس المجلس بهدف بناء جسر تواصل فعّال بين سوريا وهولندا. كما أسسنا في سوريا مجلساً توأماً يضم سبعة من كبار رجال الأعمال هناك، وتم ترخيصه رسمياً. وبعد ترخيص المجلس في هولندا أيضاً، بدأنا العمل على خطوات لجمع رجال الأعمال السوريين الموجودين في مختلف المدن الهولندية ليكونوا جزءاً من هذا المشروع.”
ويضيف أن الهدف الأول يتمثل في إنشاء شبكة من نحو 100 رجل وسيدة أعمال سوريين في هولندا، وشبكة مماثلة في سوريا، لتقديم الخدمات القانونية والاستشارية والاقتصادية، وتسهيل التواصل مع المؤسسات الرسمية، وتمكين رجال الأعمال من الوصول إلى بيانات دقيقة حول فرص الاستثمار المتاحة.
التكامل الاقتصادي في خدمة البلدين
أما محمد بشار مجذوب، عضو اللجنة التأسيسية أيضاً، فيرى أن تأسيس المجلس يأتي من حاجة إلى توحيد الجهود السورية في المهجر، ويقول:
“التقينا بعدد من رواد الأعمال والتجار السوريين في هولندا، ورأينا ضرورة إنشاء تجمع يضمنا جميعاً، لبحث المشاريع الممكن تنفيذها في هولندا أو سوريا أو كمشاريع مشتركة تخدم الاقتصادين السوري والهولندي.”
ويتابع مجذوب أن المجلس ليس تجمعاً ربحياً بقدر ما هو تجمع خدمي هدفه تنشيط التعاون التجاري والاستثماري. ويضيف:
“تواصلنا مع الحكومة السورية، ووجدنا دعماً من هيئة الاستثمار ووزارتي الاقتصاد والخارجية. كما تم تأسيس مجلس مماثل في سوريا، يضم رجال أعمال هولنديين مهتمين بالاستثمار في السوق السوري.”
تنوّع النخب… قوة المجلس
يوضح عماد الدين بنقسلي، عضو اللجنة التأسيسية أيضاً، أن أحد أهم عوامل قوة المجلس هو التنوع الكبير في اختصاصات أعضائه، قائلاً:
“المجتمع السوري في هولندا يضم طيفاً واسعاً من الكفاءات الاقتصادية والمهنية، وهذا التنوع يشكّل فسيفساء من الخبرات. أكثر من ثلاثين نشاطاً اقتصادياً كانت حاضرة في الاجتماع التأسيسي، من الصناعة إلى التكنولوجيا والطب والتعليم والخدمات. هذا التنوع يمنح المجلس قاعدة متينة لأي مبادرة مستقبلية.”
ويؤكد بنقسلي أن المجلس يهدف إلى خلق مناخ استثماري جاذب، والاستفادة من حالة الانفتاح المتوقعة في سوريا خلال السنوات القادمة. ويضيف:
“جاء تأسيس المجلس لربط المعلومات الاستثمارية بين هولندا وسوريا، سواء على صعيد القوانين الجديدة أو تأسيس الشركات أو بناء الشبكات الاقتصادية والإعلامية. هذا العمل يتم عبر قنوات رسمية، مما يتيح لنا التواصل مع صُنّاع القرار لمعالجة أي عقبات تواجه المستثمرين.”
سوريا بين التحدي والفرصة
رغم الصعوبات التي مرّت بها سوريا خلال السنوات الماضية، يتفق الحاضرون على أن البلد تتجه تدريجياً نحو الاستقرار. ومع الاستقرار المرتقب، يتوقع الخبراء أن يشهد الاقتصاد السوري مرحلة انتقالية من الركود إلى إعادة البناء، ما يفتح الباب أمام فرص كبيرة في معظم القطاعات.
تشير التقديرات إلى أن السنوات الخمس المقبلة قد تشهد عودة تدريجية للنمو، مدفوعة بعودة قسم من اللاجئين والمهجّرين، ما يخلق طلباً كبيراً على الخدمات والإسكان والعمل. يقول أحد أعضاء المجلس:
“الأصول اليوم رخيصة مقارنة بقيمتها المستقبلية، والطلب على البناء والخدمات كبير جداً، وهذا يمنح المستثمرين ميزة الدخول المبكر.”
فرص في كل القطاعات
ويرى أعضاء المجلس أن الفرص تمتد إلى السياحة، النقل، التعليم، الصحة، الطاقة، الزراعة، الصناعة، والتقنيات الحديثة.
“الطلب على البناء والخدمات الرقمية كبير جداً، وهو أحد أبرز مجالات التوسع. وحتى القطاعات مثل المدن الذكية، الذكاء الاصطناعي، التحول الرقمي، إعادة التدوير، والأعمال التقنية الزراعية، تمثل فرصاً واقعية. أي مشروع يلبي حاجة على الأرض سيتمكن من النمو بسرعة.”
تحديات المستثمرين ودور المجلس
رغم الفرص، ما تزال هناك تحديات تواجه المستثمرين الراغبين في دخول السوق السوري، أبرزها: نقص المعلومات، ضعف فهم القوانين، وغياب العلاقات المحلية.
هنا يأتي دور المجلس ليكون حلقة وصل:
“المجلس سيساعد في ربط المستثمرين مع الجهات الحكومية، وتسهيل التراخيص، وجمع البيانات الاقتصادية، وخلق شبكة قوية بين رجال الأعمال في البلدين.”
كما يعمل المجلس على توفير بيانات واضحة تساعد في اتخاذ القرارات: تكاليف الإنتاج، سلاسل التوريد، الفرص القطاعية، والإجراءات القانونية.
خطة العمل القادمة
تشمل خطة المجلس خلال العامين المقبلين:
بناء شبكة تضم 100 عضو من رجال وسيدات الأعمال في هولندا وسوريا.
إعداد قاعدة بيانات اقتصادية شاملة.
عقد أول مؤتمر للأعمال السوري – الهولندي في روتردام في الربع الثالث من 2026، يتبعه مؤتمران في دمشق وحلب.
إصدار تقرير السوق السوري لعام 2026.
إطلاق منصة إلكترونية اقتصادية تضم بيانات دقيقة عن القطاعات.
تنفيذ حملة تعريفية في هولندا للتعريف بالفرص الاستثمارية في سوريا.
ويؤكد القائمون على المجلس أن المرحلة الأولى ستبدأ بخطوات صغيرة ومدروسة لتقليل المخاطر، وفق نموذج عملي:
“نبدأ بدراسة السوق، ثم إنشاء كيان صغير، ثم التشغيل التدريجي. هذه طريقة آمنة لدخول السوق.”
رسالة الختام: من روتردام إلى دمشق
يؤكد الحاضرون والقائمون على تأسيس المجلس البعد الوطني للمبادرة:
“هدفنا ليس فقط تنشيط العمل الاقتصادي، بل المساهمة في تحريك الاستثمار في سوريا. نعم، الاستثمار في بلد خارج من الحرب يحمل مخاطرة، لكنه يحمل أيضاً أفضل العوائد لمن يبدأ أولاً. هذا المجلس جزء من مسؤوليتنا تجاه وطننا.”
إن إطلاق مجلس الأعمال الهولندي – السوري في روتردام لا يُعد خطوة تنظيمية فحسب، بل بداية لمرحلة جديدة من التواصل الاقتصادي بين السوريين في أوروبا ووطنهم الأم. مبادرة تحمل رؤية واضحة لإعادة بناء الجسور الاقتصادية، وتقديم نموذج عملي للتعاون بين الشتات السوري والداخل، تحت مظلة الاقتصاد والعمل المشترك، وقريباً من الأمل.




تم سرقة المجلس من قبل الفلول والتصابين خلي بالكن النصب شعارهم فمعظم هؤلاء يعيش على المرتجعات الضريبية والمساعدات الاجتماعية خلو بالكن من النصب