في تطور لافت يعيد رسم ملامح المشهد الجيوسياسي في الشرق الأوسط، أعلنت واشنطن عن إقامة قاعدة عسكرية جديدة في العاصمة السورية دمشق، في خطوة اعتبرها مراقبون تحولًا استراتيجيًا غير مسبوق منذ اندلاع الأزمة السورية قبل أكثر من عقد.
القاعدة، التي تم تجهيزها خلال الأسابيع الماضية، يُعتقد أنها تهدف إلى تعزيز الوجود الأمريكي في قلب سوريا، بعد سنوات من اقتصار الانتشار العسكري على مناطق الشمال والشرق. هذه الخطوة تفتح الباب أمام تساؤلات كبرى حول أهدافها الحقيقية: هل هي لمكافحة الإرهاب؟ أم ورقة ضغط جديدة في مفاوضات النفوذ بين القوى الكبرى؟
تحليل الموقف يشير إلى أن الولايات المتحدة تسعى لتثبيت موطئ قدم دائم في منطقة كانت لفترة طويلة ساحة تنافس بين أطراف متعددة، من روسيا إلى إيران، مرورًا بتركيا وقوى محلية مختلفة. وجود قاعدة في دمشق – المدينة التي تمثل مركز القرار السياسي السوري – يحمل دلالات رمزية قوية، إذ يعني أن واشنطن لم تعد تكتفي بالتأثير من الأطراف، بل تريد التمركز في قلب المعادلة.
لكن الخطوة لا تخلو من المخاطر. فإقامة قاعدة في منطقة حساسة كهذه قد تؤدي إلى تصعيد سياسي وربما ميداني، خاصة في ظل الرفض المعلن من بعض القوى الإقليمية لأي وجود أجنبي جديد في سوريا. كما يُتوقع أن تؤدي هذه الخطوة إلى تبدل في موازين القوى على الأرض، وربما إلى إعادة رسم خريطة التحالفات.
في المقابل، يرى بعض المحللين أن التحرك الأمريكي قد يكون رسالة متعددة الاتجاهات: طمأنة للحلفاء، وضغط على الخصوم، وإشارة إلى أن واشنطن لا تزال لاعبًا رئيسيًا لا يمكن تجاوزه في الملف السوري.
و ذكر بعض المحللين أيضاً أن موافقة الشرع تأتي ضمن التنازلات التي قدمها الشرع لإزالة اسمه من المطلوبين دولياً و ثمناً للحفاظ على رأسه و رأس معاونيه.
المنطقة المنزوعة السلاح في جنوب سوريا
الموقع والخلفية:
المنطقة المنزوعة السلاح في جنوب سوريا هي منطقة حدودية تقع بين مرتفعات الجولان التي تحتلها إسرائيل والأراضي السورية الواقعة تحت سيطرة الحكومة السورية. تم إنشاء هذه المنطقة عام 1974 بموجب اتفاقية فصل القوات بين سوريا وإسرائيل التي أُبرمت بعد حرب تشرين (أكتوبر) 1973، برعاية الأمم المتحدة.
الغاية:
الهدف من المنطقة المنزوعة السلاح هو منع وقوع اشتباكات عسكرية مباشرة بين القوات السورية والإسرائيلية، وضمان الاستقرار الأمني على طول خط وقف إطلاق النار.
الإشراف الدولي:
تُشرف على المنطقة قوة الأمم المتحدة لمراقبة فضّ الاشتباك (UNDOF)، التي أُنشئت بموجب قرار مجلس الأمن رقم 350 لعام 1974. وتقوم هذه القوة بمراقبة الالتزام بالاتفاق، والتبليغ عن أي خروقات من الطرفين.
الحدود والترتيبات الأمنية:
- المنطقة المنزوعة السلاح نفسها تقع داخل الأراضي السورية وتُحظر فيها الأنشطة العسكرية الثقيلة.
- على جانبيها، هناك منطقتان محدودتا القوات لكل من سوريا وإسرائيل، يُسمح فيهما بعدد محدد من الجنود والأسلحة الخفيفة فقط.
- إسرائيل تسيطر على مرتفعات الجولان منذ عام 1967، وتعتبرها منطقة ذات أهمية استراتيجية وأمنية كبيرة.
الوضع الراهن:
منذ اندلاع الأزمة السورية عام 2011، شهدت المنطقة توترات متكررة نتيجة تحركات الفصائل المسلحة وتواجد القوات الإيرانية وحزب الله بالقرب من الجولان، ما أثار مخاوف إسرائيلية وأدى إلى غارات إسرائيلية متكررة داخل الأراضي السورية.
رغم ذلك، ما زالت الأمم المتحدة تسعى للحفاظ على اتفاق فصل القوات كإطار أساسي لضبط التوتر في المنطقة.
في النهاية، يبدو أن القاعدة الجديدة ليست مجرد منشأة عسكرية، بل إعلان مرحلة جديدة من الصراع البارد في سوريا، حيث تتحول الأرض إلى رقعة شطرنج يتنافس عليها اللاعبون الكبار، وسط ترقب شعبي لما قد تحمله الأيام المقبلة من تغيرات على المستويين الأمني والسياسي.
